اسم الکتاب : الشفاء - الإلهيات المؤلف : ابن سينا الجزء : 0 صفحة : 16
للشر إليه [1].
و الفعل سابق على القوة عقلا لأنها تستلزمه فى التصور، و سابق عليها واقعا لأنها
تستلزمه فى الوجود و لا تتحول بدونه. و باختصار ما هو بالفعل أزلى أبدى، و ما هو
بالقوة حادث و لا بقاء له.
و واضح أن هذا الفصل يلتقى تمام الالتقاء مع مقالةO من
«الميتافزيقى». و يبدو منه أن ابن سينا فهم فكرة القوة و الفعل الأرسطية على
وجهها، و تبين أنها ترمى هى الأخرى إلى تفسير التغير، كفكرة المادة و الصورة. و
الجديد فيها أنها تتفادى الطفرة و الانتقال المفاجئ، فالتغير عند ابن سينا و أرسطو
يسير سيرا مطردا من طرف إلى آخر، من مجرد استعداد إلى تحقق بالفعل، و البنّاء لا
يبنى إلا أن كان عنده استعداد للبناء، و الوجود ليس إلّا خروجا من عالم القوة إلى
عالم الفعل. غير أن ابن سينا يبرز الجانب العلوى لفكرة الفعل، و يربطها أكثر من
الفيلسوف اليونانى بعالم السماوات، عالم الأزلية و الأبدية، و هذا يتسق مع نظام
الكون الذي تصوّره.
6- نظرية العلل:
وقف عليها ابن سينا مقالة بأكملها، و عرضها فى وضوح و ترتيب ملحوظين.
و إذا كان قد أخذ فيها عن أرسطو، فإنه أضاف إليه مادة جديدة، و فصّل القول فيها
بدرجة لا تلحظ لدى المعلم الأول. و نحابها منحى يتفق مع الأهداف الرئيسية لمذهبه،
فبرزت لديه الفاعلية إلى جانب الصورية، و طغت الغائية على الآلية.
و عنده أن العلل أربعة: عنصر أو مادة، و صورة، و فاعل، و غاية. و
يراد بالعنصرية أو المادية جزء من قوام الشىء هو ما يكون بالقوة، و بالصورة جزء
من قوام الشىء هو ما يكون بالفعل، و بالفاعلية ما يفيد وجودا مباينا لذاته، و
بالغائية ما يحصل من أجلها وجود مباين لها [2]. و لا يمكن أن تكون العلل إلا أربعا، لأن السبب إما أن يكون داخلا
فى قوام المسبب و جزءا من وجوده، أولا. فإن كان داخلا فى قوامه فهو ما يحقق وجوده
بالقوة،