اسم الکتاب : الأضحوية في المعاد المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 56
- المنهج الأول اعتمده في مخاطبة الجمهور و عامة طلاب الحكمة، راعى
فيه الأعراف السائدة و لم يشق عصا الطاعة للجمهور.
- المنهج الثاني توجه من خلاله للخاصة الذين يتسنى لهم فهم الأمور
على حقائقها.
يثبت ذلك أمام تصاريح عدة، أوردها ابن سينا في معظم كتبه.
ففي مقدمة كتابه «منطق المشرقيين» يقول:
«و بعد فقد نزعت الهمة بنا الى أن نجمع كلاما فيما اختلف أهل البحث
فيه. لا نلتفت فيه لفت عصبية أو هوى، أو عادة أو إلف، و لا نبالي من مفارقة تظهر
منا لما ألفه متعلمو كتب اليونانيين ألفا عن غفلة و قلة فهم، و لما سمع منا في كتب
ألفناها للعاميين من المتفلسفة، المشغوفين بالمشائين الظانين أن اللّه لم يهد الا
اياهم، و لم ينل رحمته سواهم، مع اعتراف ما بفضل سلفهم في تنبهه لما نام عنه ذووه
و استاذوه و في تمييزه أقسام العلوم بعضها عن بعض، و في ترتيبه العلوم خيرا مما
رتبوه، و في إدراكه الحق في كثير من الأشياء و في تفطنه لأول صحيحة سرية في أكثر
العلوم، و في اطلاعه الناس على ما بينها فيه السلف و أهل بلاده، و ذلك أقصى ما
يقدر عليه انسان يكون أول من مد يديه الى تمييز مخلوط، و تهذيب مفسد، و يحق على من
بعده أن يلموا شعثه، و يرموا ثلما يجدونه فيما بناه، و يفرعوا أصولا أعطاها، فما
قدر من بعده على أن يفرغ نفسه عن عهدة ما ورثه منه، و ذهب عمره في تفهم ما أحسن
فيه و التعصب لبعض ما فرط من تقصيره، فهو مشغول عمره بما سلف، ليس له مهلة يراجع
فيها عقله، و لو وجدها ما استحل أن يضع ما قاله الأولون موضع المفتقر الى مزيد
عليه أو اصلاح له أو تنقيح إياه.
و أما نحن فسهل علينا التفهم لما قالوا أول ما اشتغلنا به، و لا يبعد
أن يكون قد وقع الينا من غير جهة اليونانيين علوم، و كان الزمان الذي اشتغلنا فيه
بذلك
اسم الکتاب : الأضحوية في المعاد المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 56