ج- المعاد ضرورة انسانية:

ضرورة المعاد من أجل الانسانية لا تقل أهمية عن ضرورتيه الأخلاقية و الاجتماعية، «فالسعادة في الآخرة مكتسبة بتنزيه النفس، و تنزيه النفس يبعدها من اكتساب الهيئات البدنية المضادة لأسباب السعادة» [17].

و تبدو أهمية المعاد من أجل الانسانية في افتراضنا لعدم كيانه و جهل الناس به. كيف يكون حال المجتمع و ما هي الأسس التي تصيّر سلوك المرء؟ و هل يكون هناك أسس لذلك السلوك اذا انعدمت فكرة المعاد في المخيلة الانسانية؟

لو انتفت فكرة المعاد من المخيلة، لا نمحت معها معاني الفضيلة، و العدالة و السعادة؛ و الحق و الكمال و ما الى ذلك من قيم لا ينشدها الانسان الا ليقينه بمعاد يثاب فيه على حسنه، و يعاقب على سوئه.

نخلص الى القول أن المعاد هو أساس السعادة الانسانية، كما أنه من الأركان الثابتة التي يرسو عليها بناء المجتمع الفاضل. و هذا ما يسمو بفلسفة ابن سينا، الى جانب طول باعه في كل ما طرق من مواضيع، و فيما ابتكر و جدد في الفلسفة.

معاد النفس في فلسفة ابن سينا

يتفق دارسو ابن سينا و الباحثون في فلسفته على أن الشيخ الرئيس اعتمد منهجين في تصنيف آثاره:

[17] نفسه، ص 445