كظاهره
بيان المصداق لا ان للغيبة قسمان و هذا قسم منه،فظهر ان دلالة الرواية على
انتفاء الحرمة عن غيبة من لم يكن واجدا لتلك الشروط واضحة.
بقي الكلام في دلالتها على اختصاص الحرمة بغيبة العادل و جواز غيبة الفاسق
مطلقا و لو لم يكن متجاهرا و تقريبه:ان من حدّث الناس فكذبهم و لو مرة و
عاملهم فظلمهم و لو كان متسترا يدخل في المفهوم.
و فيه:ان العناوين المذكورة في الرواية ظاهرة في من كان دأبه ذلك فلا يعم
من صدر منه خلافها أحيانا،و من الظاهر ان من كان دأبه الكذب في الحديث و
الظلم في المعاملة لا محالة يشيع كذبه و ظلمه بين الناس و يكون متجاهرا فلا
بأس بالاستدلال بها للمقام كما يستفاد منها مفهوم الغيبة أيضا و أنّه كشف
الأمر المستور.
و أما قوله في رواية علقمة:«من لم تره بعينك يرتكب ذنبا و لم يشهد عليه
شاهدان فهو من أهل العدالة»فحيث رتب فيه الحرمة على عدم رؤية الشخص يرتكب
الذنب و لم تشهد البينة بذلك لم يمكن حمله على بيان من يحرم غيبته،لأن
لازمه جواز غيبة من علم فسقه أو شهدت به البينة و إن لم يتجاهر به،فتختص
حرمة الغيبة بالعدول و لا يمكن الالتزام به لمخالفته صريح الأخبار المفسرة
للغيبة.
و منها:رواية داود بن سرحان«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن
الغيبة؟قال:أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل و ثبت عليه أمرا قد ستره
اللّه عليه لم يقم عليه فيه حد»[1]،و
حينئذ لا بد من حمله على بيان معنى الغيبة و انها انما تتحقق إذا لم يعلم
السامع الذنب بالوقوف عليها أو بشهادة البينة،فيكون معنى الرواية من لم تره
بعينك
[1]الكافي على هامش مرآة العقول 2/348،و عنه في الوسائل 2/238 باب 154.