ككان
محتاجا فالأقرب الكراهة معللا بأنّ الأصل الاباحة على التقدير الثاني،و
لأنّه فعل لا يجب عليه فجاز أخذ الأجر عليه،أمّا مع التعيين فلأنه يؤدي
واجبا فلا يجوز أخذ الاجرة عليه كغيره من العبادات الواجبة.انتهى.
و صريح كلامه التفصيل بين كون القاضي غنيا فيحرم عليه أخذ الاجرة،و أما إذا
كان محتاجا فيحل له،و كأنّه قدّس سرّه تخيل اختصاص دليل المنع بصورة
الاستغناء.
و نقول:لم يظهر من الأدلة ما أفاده من التفصيل،فإنّ ظاهرها إطلاق حرمة أخذ الرشوة سواء كان غنيا أو فقيرا.
و بالجملة أخذ الرشوة على الحكم بالباطل حرام بالكتاب و السنة،و أخذها في
مقابل ما لا يعلم كونه حقا أو باطلا حرام على القاعدة،و مقتضى الأخبار أيضا
على ما بيناه من معنى الرشوة و أخذها في مقابل الحكم بالحق جائز على
القاعدة،و لكن لعن النبي صلّى اللّه عليه و اله من احتاج إليه الناس لعلمه
فسألهم الرشوة كما في حديث أبي جعفر عليه السّلام المتقدم يعم الرشوة على
الحكم بالحق.هذا كله في القاضي.
و أما أخذ العوض في مقابل الفتوى بالحق:فمن جهة كونه واجبة كفاية أو عينا
عند الانحصار فلا كلام لنا فيه،و لو فرضنا الافتاء عملا مباحا فإنّه لا
مانع من أخذ الاجرة عليه إلاّ أنّ ما ورد من أنّه صلّى اللّه عليه و اله
لعن من احتاج إليه الناس فسألهم الرشوة يعم الفتوى و نقلها،و يعم صورة
الانحصار و عدمه بناء على ارادة الحاجة النوعية.
نعم،لا مانع من أخذ الاجرة على تعليم ما لا يحتاج إليه الناس من العلوم حتى الفقه الذي لا يحتاجونه لعملهم.