responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الوراثة الإصطفائية لفاطمة الزهراء« عليها السلام» المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 47

1- إنّ الصفات الاصطفائيّة ليست- كما يُظنّ- جبريّة، كما أنّها ليست تفويضيّة، بحيث يتقمّصها ويرتديها من يشاء، بل هي أمر بين أمرين، بل ومن نمط خاصّ راجعة إلى هبات اللَّه تبارك وتعالى الخاصّة وفق علمه بمستقبل أحوال أصفيائه، وما سيكونون عليه من طاعة وانقياد وتسليم له تعالى في مستقبل أيّامهم، تبلغ درجات لا يصل إليها غيرهم، فعلمه الغابر بما سيكونون عليه، يوجب الاختيار الإلهي لهم بالاصطفاء والاختيار، وهذه الألطاف والمواهب اللدنيّة الممنوحة لهم تقع تفضّلًا منه تعالى وجزاءاً لما يعهد منهم من الإخلاص، فلا يساوي بينهم وبين غيرهم في العطاء والهبات اللدنيّة.

وهنا نحاول أن نشير إلى تحليل معنى الاصطفاء والصفوة والتصفية، فهي- لغة- بمعنى التمييز والانتقاء، قال في «لسان العرب»: «واستصفيت الشيء إذا استخلصته واستصفى صفو الشيء: أخذه، وصفا الشيء أخذ صفوه، والصفيّ الخالص من كلّ شيء» [1].

فانتقاء النخبة من البشر هو اختيار اللَّه تعالى لهم وفق علمه بما يكونون عليه في مستقبل أعمالهم وأحوالهم وصفاتهم ونيّاتهم، أي بمعنى اختيار ما هو خالص من الكدورة ونقيّ من رذائل الصفات، ومن ثَمّ يقال لصفايا الملوك من الأموال ما هو أعزّ وأكرم الأموال التي يختارها لنفسه، فالاصطفاء في أصل معناه ليس إحداث أمر في الشيء، وإنّما هو اختيار وانتخاب له لما فيه من قابلية مزايا يفوق غيره، فبعد «الاصطفاء» يأتي «الاحتباء»، أي: إعطاء الحبوة والمواهب اللدنيّة، ويشير إلى هذا المعنى أيضاً ما ورد في دعاء الندبة من قوله عليه السلام:

«اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلى مَا جَرى بِهِ قَضاؤُكَ في أوْلِيَائِكَ الَّذِينَ اسْتَخْلَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ وَدِينِكَ،

إِذِ اخْتَرْتَ لَهُمْ جَزِيلَ مَا عِنْدَكَ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ الَّذِي لَازَوالَ لَهُ وَلَا اضْمِحْلَالَ،


[1] لسان العرب لابن منظور: 14: 463، نشر أدب الحوزة- قم.

اسم الکتاب : الوراثة الإصطفائية لفاطمة الزهراء« عليها السلام» المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 1  صفحة : 47
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست