اسم الکتاب : الوراثة الإصطفائية لفاطمة الزهراء« عليها السلام» المؤلف : السند، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 269
أمّا نماذج شمول الوصيّة للُامور العامّة فكقوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ[1]، فجُعل متعلّق الوصيّة هنا عموم ولاية الدين وإقامته، فالموصي هنا اللَّه عزّ وجلّ، والوصي هم الأنبياء، ومتعلّق الوصيّة هو كلّ أبواب الدين، وما يطيع به العبيدُ ربّهم.
وقد أشار الفقهاء في باب الوصيّة إلى أنّ الوصيّة تنقسم إلى تمليكيّة وعهديّة، فالتمليكيّة هي ما تتعلّق بالأموال التي تقبل ملكيّتها الانتقال، وعهديّة وهي التي تتعلّق بما للمُوصي من ولاية وقيمومة على بعض أموره، كأولاده وغير ذلك من الموارد التي له نظارة وولاية تدبير وإشراف.
ومن ثَمّ فإنّ ماهية الوصيّة والإيصاء بلحاظ متعلّقها قد تأخذ طابع العهد، أو طابع التولية، أو الاستخلاف، فيما إذا كان موضوعها في الولاية السياسيّة العامّة، أو الدينيّة.
وغيرها من الموارد التي جُعل فيها متعلّق الوصيّة هو الدين، لا خصوص الشؤون الشخصيّة الفرديّة، و ذلك لكون حفظ الدين الحنيف من مهامّ ومسؤوليات الرُّسل وصلاحيتهم، فيعهدون بهذه المسؤوليّة والولاية لمن يخلفهم من بعدهم من الأوصياء، أنبياءاً كانوا أو أسباطاً.
وقد أشارت الصدّيقة الكبرى عليها السلام إلى هذه القاعدة والاحتجاج بها في قولها:
«فوسمتم غيرَ إبلكم ووردتم غير مشربكم هذا والعهدُ قريب».