الشهرستاني إليه بقوله[1]: فإن الرجل وراء ما يلزمه على الخصم، و دون ما يظهر من التشبيه. على
أنه لو فرض ثبوت ما يدل على التجسيم عن هشام، فإنما يمكن ذلك عليه قبل استبصاره،
إذ عرفت أنه كان ممن يرى رأي الجهمية، ثم استبصر بهدي آل محمد، فكان من أعلام
المختصين بأئمتهم، لم يعثر أحد من سلفنا و خلفنا على شيء مما نسبه الخصم إليه،
كما أنّا لم نجد أثرا ما لشيء مما نسبوه إلى كل من زرارة بن أعين، و محمد بن
مسلم، و مؤمن الطاق، و أمثالهم، مع أنّا قد استفرغنا الوسع و الطاقة في البحث عن
ذلك، و ما هو إلّا البغي و العدوان، و الإفك و البهتانوَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ
الظَّالِمُونَ[2].
أما ما نقله الشهرستاني عن هشام من القول بإلهية علي، فشيء يضحك
الثكلى، و هشام أجلّ من أن تنسب إليه هذه الخرافة و السخافة، و هذا كلام هشام في
التوحيد ينادي بتقديس اللّه عن الحلول، و علوه عما يقوله الجاهلون، و ذاك كلامه في
الإمامة و الوصية يعلن بتفضيل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم على علي،
مصرّحا بأن عليا من جملة امته و رعيته، و أنه وصيه و خليفته، و أنه من عباد اللّه
المظلومين المقهورين العاجزين عن حفظ حقوقهم، المضطرين إلى أن يضرعوا لخصومهم،
الخائفين المترقبين الذين لا ناصر لهم و لا معين و كيف يشهد الشهرستاني لهشام بأنه
صاحب غور في الاصول، و أنه لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة، و أنه دون
ما أظهره للعلاف من قوله له: فلم لا تقول إن اللّه جسم لا كالأجسام، ثم ينسب إليه
القول بأن عليا عليه السّلام هو اللّه
[1]الملل و النحل للشهرستاني: ج 2 ص 23 ط دار المعرفة.