و دقائق الحكمة، و حقائق الامور؛ كما اعترف به أبو الفتح الشهرستاني
في كتابه الملل و النحل، حيث ذكر الصادق عليه السّلام فقال[1]: «وهو ذو علم غزير في الدين و أدب بالغ في الحكمة، و زهد بالغ في
الدنيا، و ورع تام عن الشهوات» قال: و قد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين
إليه، و يفيض على الموالين له أسرار العلوم، ثم دخل العراق و أقام بها مدة ما تعرض
للإمامة- أي للسلطنة- قط، و لا نازع أحدا في الخلافة (قال): و من غرق في بحر
المعرفة لم يطمع في شط، و من تعلى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط ... إلى آخر
كلامه[2].
و الحق ينطق منصفا و عنيدا.
نبغ من أصحاب الصادق جمّ غفير، و عدد كثير، كانوا أئمة هدى، و مصابيح
دجى، و بحار علم، و نجوم هداية. و الذين دونت أسماؤهم و أحوالهم في كتب التراجم
منهم أربعة آلاف رجل من العراق و الحجاز و فارس و سوريا، و هم أولو مصنفات مشهورة
لدى علماء الإمامية، و من جملتها الاصول الأربعمائة و هي- كما ذكرناه سابقا-
أربعمائة مصنّف لأربعمائة مصنّف كتبت من فتاوى الصادق عليه السّلام على عهده، فكان
عليها مدار العلم و العمل من بعده، حتى لخصها جماعة من أعلام الامة، و سفراء
الأئمة في كتب خاصة، تسهيلا للطالب، و تقريبا على المتناول، و أحسن ما جمع منها
الكتب الأربعة التي هي مرجع الإمامية في اصولهم و فروعهم من الصدر الأول إلى هذا
الزمان، و هي: الكافي، و التهذيب، و الاستبصار، و من لا يحضره
[1]عند ذكره الباقرية و الجعفرية من فرق الشيعة من كتابه الملل و
النحل. (منه قدّس سرّه).
[2]الملل و النحل للشهرستاني: ج 1 ص 224 ط دار المعرفة- بيروت.