إلى غزو الروم، و هي آخر السرايا على عهد النبي صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم، و قد اهتم فيها- بأبي و أمي- اهتماما عظيما، فأمر أصحابه بالتهيؤ لها،
و حضّهم على ذلك، ثم عبأهم بنفسه الزكية ارهافا لعزائمهم، و استنهاضا لهممهم، فلم
يبق أحدا من وجوه المهاجرين و الأنصار كأبي بكر و عمر[1][2]و أبي عبيدة و سعد و أمثالهم إلّا و قد عبأه
[1]أجمع أهل السير و الأخبار على أن أبا بكر و عمر رضي اللّه عنهما
كانا في الجيش و أرسلوا ذلك في كتبهم إرسال المسلّمات و هذا مما لم يختلفوا فيه.
فراجع ما شئت من الكتب المشتملة على هذه السرية، كطبقات ابن سعد، و تاريخ الطبري و
ابن الأثير، و السيرة الحلبية، و السيرة الدحلانية و غيرها، لتعلم ذلك، و قد أورد
الحلبي حيث ذكر هذه السرية في الجزء الثالث من سيرته، حكاية ظريفة، نوردها بعين
لفظه.
قال: «إنالخليفة المهدي لما دخل البصرة رأى
أياس بن معاوية الذي يضرب به المثال في الذكاء، و هو صبي و وراءه أربعمائة من
العلماء و أصحاب الطيالسة فقال المهدي: أف لهذه العثانين أي- اللحى- أ ما كان فيهم
شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث؟ ثم التفت إليه المهدي و قال: كم سنك يا فتى؟ فقال: سني
أطال اللّه بقاء أمير المؤمنين سن اسامة بن زيد بن حارثة لما ولاه رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم جيشا فيه أبو بكر و عمر، فقال:
تقدم بارك اللّه فيك». قال الحلبي: و كان سنه سبع عشرة سنة ...
الخ. (منه قدّس سرّه).
[2]أبو بكر و عمر في جيش اسامةراجع في كون أبي بكر و عمر في جيش أسامة الذي بعثه النبي في مرضه
الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 2 ص 190، تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 93 ط الغري، و ج 2 ص
74 ط بيروت، الكامل لابن الأثير: ج 2 ص 317، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 1
ص 53 و ج 2 ص 21 اوفست على ط 1 بمصر، و ج 1 ص 159، و ج 6 ص 52 ط مصر بتحقيق محمد
أبو الفضل، سمط النجوم العوالي لعبد الملك العاصمي المكي: ج 2 ص 224، السيرة
الحلبية للحلبي الشافعي: ج 3 ص 207، السيرة النبوية لزيني دحلان بهامش السيرة
الحلبية: ج 2 ص 339.
و نقله في عبد اللّه بن سبأ للعسكري: ج 1 ص 71 عن كنز العمال: ج 5
ص 312، و منتخب الكنز بهامش مسند أحمد: ج 4 ص 180 و أنساب الأشراف: ج 1 ص 474 و
تهذيب ابن عساكر: ج 2 ص 391 بترجمة أسامة.