بالجيش[1][2]و كان ذلك
لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة للهجرة، فلما كان من الغد دعا اسامة، فقال
له: «سرإلى موضع قتل أبيك فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فاغز صباحا
على أهل أبنى[3]، و حرق عليهم، و أسرع السير لتسبق
الأخبار، فإن أظفرك اللّه عليهم فأقل اللبث فيهم، و خذ معك الأدلاء، و قدم العيون
و الطلائع معك»، فلما كان يوم الثامن و العشرون من صفر، بدأ به صلّى اللّه عليه و
آله و سلّم مرض الموت فحمّ- بأبي و امي- و صدع، فلما أصبح يوم التاسع و العشرين و
وجدهم مثّاقلين، خرج إليهم فحضّهم على السير، و عقد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
اللواء لاسامة بيده الشريفة تحريكا لحميتهم، و إرهافا لعزيمتهم، ثم قال: «اغزبسم اللّه و في سبيل اللّه، و قاتل من كفر باللّه». فخرج بلوائه
معقودا، فدفعه إلى بريدة، و عسكر بالجرف، ثم تثاقلوا هناك فلم يبرحوا، مع ما وعوه
و رأوه من النصوص الصريحة في وجوب إسراعهم لقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «اغزصباحا على أهل أبنى»[4]و قوله: «وأسرع السير لتسبق الأخبار»[5]إلى كثير من أمثال
هذه
[1]كان عمر يقول لاسامة: مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم
و أنت عليّ أمير. نقل ذلك عنه جماعة من الأعلام كالحلبي في سرية اسامة من سيرته
الحلبية، و غير واحد من المحدثين و المؤرخين. (منه قدّس سرّه).
[2]عمر يقول لاسامة: مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و
أنت عليّ أمير.
راجع السيرة الحلبية: ج 3 ص 209، كنز العمال للمتقي الهندي: ج 15 ص
241 ح 710 ط 2، السيرة النبوية لزيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: ج 2 ص 341.
[3]أبنى- بضم الهمزة و سكون الباء ثم نون بعدها ألف مقصورة-: ناحية
بالبلقاء من أرض سوريا بين عسقلان و الرملة، و هي قرب مؤتة التي استشهد عندها زيد
بن حارثة و جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين في الجنة. (منه قدّس سرّه).
[4]راجع المغازي للواقدي: ج 3 ص 1117، السيرة الحلبية: ج 3 ص 207،
السيرة النبوية لزيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: ج 2 ص 339، الطبقات الكبرى لابن
سعد: ج 2 ص 190.
[5]راجع المغازي للواقدي: ج 3 ص 1117 و 1123، السيرة الحلبية: ج 3 ص
207، السيرة النبوية بهامش السيرة الحلبية: ج 2 ص 339، الطبقات الكبرى لابن سعد: ج
2 ص 190.