و فوائده، و ليتهم اكتفوا بهذا كله و لم يفاجئوه بكلمتهم تلك: «هجررسول اللّه» و هو محتضر بينهم، و أي كلمة كانت وداعا منهم له صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم، و كأنهم حيث لم يأخذوا بهذا النص اكتفاء منهم بكتاب
اللّه على ما زعموا- لم يسمعوا هتاف الكتاب آناء الليل و أطراف النهار في أنديتهم:وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ
فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا[1]و كأنهم حيث قالوا: هجر، لم يقرءوا قوله تعالى:إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي
الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ* وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ[2]و قوله عزّ من
قائل:إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ* وَ لا بِقَوْلِ كاهِنٍ
قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ* تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ[3]و قوله جلّ و علا:ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى*
وَ ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ
الْقُوى[4]إلى كثير من أمثال
هذه الآيات البيّنات، المنصوص فيها على عصمة قوله من الهجر، على أن العقل بمجرده
مستقل بذلك، لكنهم علموا أنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إنّما أراد توثيق العهد
بالخلافة، و تأكيد النص بها على «عليّ» خاصة، و على الأئمة من عترته عامة،
فصدّوه عن ذلك، كما اعترف به الخليفة الثاني في كلام دار بينه و بين ابن عباس[5][6].
[5]كما في السطر 27 من الصفحة 114 من المجلد الثالث من شرح النهج
الحديدي. (منه قدّس سرّه).
[6]اعتراف عمر بأنه إنما صدّ عن كتابة الكتاب حتى لا يجعل الأمر لعلي:
راجع شرح نهج البلاغة: ج 3 ص 114 سطر 27 ط 1 بمصر، و أوفست بيروت،
و ج 12 ص 79 سطر 3 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، و ج 3 ص 803 ط دار مكتبة الحياة،
و ج 3 ص 167 ط دار الفكر.