و من ألمّ بما حول هذه الرزية من الصحاح، يعلم أن أول من قال يومئذ:
«هجررسول اللّه». إنما هو عمر، ثم نسج على منواله من الحاضرين من كانوا
على رأيه، و قد سمعت قول ابن عباس- في الحديث الأول[1]-: فاختلف أهل البيت، فاختصموا، منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي
كتابا لن تضلوا بعده، و منهم من يقول: ما قاله عمر، أي يقول: هجر رسول اللّه.
و في رواية أخرى أخرجها الطبراني في الأوسط عن عمر[2]،
قال: لما مرض النبي قال: «ائتونيبصحيفة و دواة، أكتب لكم كتابا لن
تضلوا بعده أبدا»، فقال النسوة من وراء الستر: ألا تسمعون ما يقول رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله و سلّم؟ قال عمر، فقلت:
إنّكنّ صويحبات يوسف إذا مرض رسول اللّه عصرتنّ أعينكنّ، و إذا صحّ
ركبتن عنقه! قال: فقال رسول اللّه: دعوهن فإنهن خير منكم ... الخ[3].
و أنت ترى، أنهم لم يتعبدوا هنا بنصه الذي لو تعبدوا به لأمنوا من
الضلال، و ليتهم اكتفوا بعدم الامتثال و لم يردّوا قوله إذ قالوا: حسبنا كتاب
اللّه حتى كأنه لا يعلم بمكان كتاب اللّه منهم، أو أنهم أعلم منه بخواص الكتاب
رزية يوم الخميس في مصادر أخرىراجع عبد اللّه بن سبأ للعسكري: ج 1 ص 79، شرح نهج البلاغة لابن
أبي الحديد: ج 1 ص 133 أوفست بيروت على ط 1 بمصر، الملل و النحل للشهرستاني ج 1 ص
20 ط بيروت، الطبقات الكبرى لابن سعد: ج 2 ص 242- 244.
قول عمر بن الخطاب إن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليهجريوجد في تذكرة الخواص للسبط بن
الجوزي الحنفي: ص 62 ط الحيدرية، و ص 36 ط إيران، سر العالمين و كشف ما في الدارين
لأبي حامد الغزالي: ص 21 ط مطبعة النعمان.
[1]الذي أخرجه البخاري عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود
عن ابن عباس و أخرجه مسلم أيضا، و غيره. (منه قدّس سرّه).
[2]كما في ص 138 من الجزء الثالث من كنز العمال. (منه قدّس سرّه).
[3]راجع عبد اللّه بن سبأ للسيد العسكري: ج 1 ص 79، الطبقات الكبرى
لابن سعد: ج 2 ص 243- 244.