responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المراجعات المؤلف : شرف الدين الموسوي، السيد عبد الحسين    الجزء : 1  صفحة : 517

الحال، و قد ظهر النفاق بموت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و قويت بفقده شوكة المنافقين، و عتت نفوس الكافرين، و تضعضعت أركان الدين، و انخلعت قلوب المسلمين، و أصبحوا بعده كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية بين ذئاب عادية و وحوش ضارية، و ارتدت طوائف من العرب، و همّت بالردة أخرى- كما فصلناه في المراجعة 82- فأشفق علي في تلك الظروف أن يظهر إرادة القيام بأمر الناس مخافة البائقة، و فساد العاجلة، و القلوب على ما وصفنا، و المنافقون على ما ذكرنا، يعضون عليهم الأنامل من الغيظ، و أهل الردة على ما بيّنا، و الأمم الكافرة على ما قدّمنا، و الأنصار قد خالفوا المهاجرين، و انحازوا عنهم يقولون: منا أمير و منكم أمير [1]. فدعاه النظر للدين إلى الكف عن طلب الخلافة، و التجافي عن الأمور، علما منه أن طلبها- و الحال هذه- يستوجب الخطر بالأمة، و التغرير في الدين، فاختار الكفّ إيثارا للإسلام، و تقديما للصالح العام، و تفضيلا للآجلة على العاجلة.

غير أنه قعد في بيته- و لم يبايع حتى أخرجوه كرها- [2] احتفاظا بحقه، و احتجاجا على من عدل عنه، و لو أسرع إلى البيعة ما تمّت له حجّة و لا سطع له برهان، لكنه جمع فيما فعل بين حفظ الدين، و الاحتفاظ بحقه من إمرة المؤمنين، فدلّ هذا على أصالة رأيه، و رجاحة حلمه، و سعة صدره، و إيثاره‌


[1] راجع تاريخ الطبري: ج 4 ص 218 و 219 و 220 ط دار المعارف بمصر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 6 ص 6 و 9 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، و ج 2 ص 4 ط 1 بمصر، تاريخ اليعقوبي:

ج 2 ص 102.

[2] إخراج الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام كرها لأجل البيعة.

راجع العقد الفريد: ج 4 ص 335 ط لجنة التأليف و النشر بمصر، و ج 2 ص 285 ط آخر شرح النهج لابن أبي الحديد: ج 3 ص 415 أوفست بيروت.

اسم الکتاب : المراجعات المؤلف : شرف الدين الموسوي، السيد عبد الحسين    الجزء : 1  صفحة : 517
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست