من أحيائهم أمل في الوصول إليها و لو بعد حين، و لو تعبدوا بالنص،
فقدّموا عليا بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لما خرجت الخلافة من
عترته الطاهرة، حيث قرنها يوم الغدير و غيره بمحكم الكتاب، و جعلها قدوة لأولي
الألباب، إلى يوم الحساب، و ما كانت العرب لتصبر على حصر الخلافة في بيت مخصوص، و
لا سيما بعد أن طمحت إليها الأبصار من جميع قبائلها و حامت عليها النفوس من كل
أحيائها.
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها و حتى استامها كل مفلسو أيضا، فإنّ من ألمّ بتاريخ قريش، و
العرب في صدر الإسلام، يعلم أنهم لم يخضعوا للنبوة الهاشمية، إلّا بعد أن تهشموا،
و لم يبق فيهم من قوة، فكيف يرضون باجتماع النبوة و الخلافة في بني هاشم، و قد قال
عمر بن الخطاب لابن عباس في كلام دار بينهما: إن قريشا كرهت أن تجتمع فيكم النبوة
و الخلافة، فتجحفون على الناس[1][2].
[2- الوجه في قعود الإمام عن حقه.]
2- و السلف الصالح لم يتسنّ له أن يقهرهم يومئذ على التعبد بالنص، فرقا
من انقلابهم إذا قاومهم، و خشية من سوء عواقب الاختلاف في تلك
[1]نقله ابن أبي الحديد في ص 107 من المجلد الثالث من شرح النهج، في
قضية يجدر بالباحثين أن يقفوا عليها، و قد أوردها ابن الأثير في أواخر أحوال عمر ص
24 من الجزء الثالث من كامله، قبل ذكر قصة الشورى. (منه قدّس سرّه).
راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 3 ص 107 ط 1 بمصر و ج 12
ص 52 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل، و ج 3 ص 876 ط مكتبة الحياة، و ج 3 ص 141 ط دار
الفكر، الكامل لابن الأثير: ج 3 ص 63 ط دار صادر، تاريخ الطبري: ج 4 ص 223 ط دار
المعارف بمصر، و ج 2 ص 289 ط آخر، عبد اللّه بن سبأ للعسكري: ج 1 ص 114.