المصلحة العامة، و متى سخت نفس امرئ عن هذا الخطب الجليل، و الأمر
الجزيل، ينزل من اللّه تعالى بغاية منازل الدين، و إنما كانت غايته مما فعل أربح
الحالين له، و أعود المقصودين عليه، بالقرب من اللّه عزّ و جلّ.
أما الخلفاء الثلاثة و أولياؤهم، فقد تأولوا النص عليه بالخلافة
للأسباب التي قدّمناها، و لا عجب منهم في ذلك بعد الذي نبهناك إليه من تأولهم و
اجتهادهم في كل ما كان من نصوصه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم متعلقا بالسياسات و
التأميرات، و تدبير قواعد الدولة، و تقرير شئون المملكة، و لعلهم لم يعتبروها
كأمور دينية، فهان عليهم مخالفته فيها، و حين تمّ لهم الأمر أخذوا بالحزم في تناسي
تلك النصوص، و أعلنوا الشدة على من يذكرها أو يشير إليها، و لما توفّقوا في حفظ
النظام، و نشر دين الإسلام، و فتح الممالك، و الاستيلاء على الثروة و القوة، و لم
يتدنسوا بشهوة؛ علا أمرهم، و عظم قدرهم، و حسنت بهم الظنون، و أحبتهم القلوب، و
نسج الناس في تناسي النص على منوالهم، و جاء بعدهم بنو أمية و لا همّ لهم إلّا
اجتياح أهل البيت و استئصال شأفتهم، و مع ذلك كله، فقد وصل إلينا من النصوص
الصريحة، في السنن الصحيحة، ما فيه الكفاية؛ و الحمد للّه، و السلام عليكم.