أن الطواف حول البيت أسبوع، و نحو ذلك من النصوص المتمحضة للنفع
الأخروي.
أما ما كان منها متعلقا بالسياسة كالولايات و الإمارات، و تدبير
قواعد الدولة، و تقرير شئون المملكة، و تسريب الجيش، فإنهم لم يكونوا يرون التعبد
به و الالتزام في جميع الأحوال بالعمل علي مقتضاه، بل جعلوا لأفكارهم مسرحا للبحث،
و مجالا للنظر و الاجتهاد، فكانوا إذا رأوا في خلافه رفعا لكيانهم، أو نفعا في
سلطانهم، عدلوا عنه الى ما يرفع كيانهم، أو ينفع سلطانهم، و لعلهم كانوا يحرزون
رضا النبي بذلك، و كان قد غلب على ظنهم أن العرب لا تخضع ل «علي» و لا تتعبد
بالنص عليه، إذ وترها في سبيل اللّه، و سفك دماءها بسيفه في إعلاء كلمة اللّه، و
كشف القناع منابذا لها في نصرة الحق، حتى ظهر أمر اللّه على رغم كل عاتي كفور فهم
لا يطيعونه إلّا عنوة، و لا يخضعون للنص عليه إلّا بالقوة، و قد عصبوا به كل دم
أراقه الإسلام أيام النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، جريا على عادتهم في أمثال
ذلك، إذ لم يكن بعد النبي في عشيرته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أحد يستحق أن
تعصب به تلك الدماء عند العرب غيره، لأنهم إنما كانوا يعصبونها في أمثل العشيرة، و
أفضل القبيلة، و قد كان هو أمثل الهاشميين؛ و أفضلهم بعد رسول اللّه، لا يدافع و
لا ينازع في ذلك، و لذا تربّص العرب به الدوائر، و قلّبوا له الأمور، و أضمروا له
و لذريته كل حسيكة، و وثبوا عليهم كل وثبة، و كان ما كان مما طار في الأجواء، و
طبق رزؤه الأرض و السماء.
و أيضا فإن قريشا خاصة و العرب عامة، كانت تنقم من علي شدة وطأته على
أعداء اللّه، و نكال وقعته فيمن يتعدى حدود اللّه، أو يهتك حرماته عزّ و جلّ، و
كانت ترهب من أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر، و تخشى