أهل السنّة و الجماعة ينكرون الوصية، محتجين بما رواه البخاري في
صحيحه عن الأسود، قال: ذكر عند عائشة رضي اللّه عنها، أن النبي أوصى إلى علي[1]رضى اللّه عنه،
فقالت: من قاله؟ لقد رأيت النبي، و إني لمسندته إلى صدري فدعا بالطست فانخنث فمات،
فما شعرت، فكيف أوصى إلى علي[2][3].
و أخرج البخاري في الصحيح عنها أيضا من عدة طرق أنها كانت تقول:
«ماترسول اللّه بين حاقنتي و ذاقنتي»[4]و كثيرا ما قالت: مات بين سحري
[1]هذا الحديث أخرجه البخاري في كتاب الوصايا ص 83 من الجزء الثاني من
صحيحه و في باب مرض النبي و وفاته ص 64 من الجزء الثالث من الصحيح، و أخرجه مسلم
في كتاب الوصية ص 14 من الجزء الثاني من صحيحه. (منه قدّس سرّه).
[2]صحيح البخاري: ج 3 ص 186 و ج 5 ص 143 ط دار الفكر، و ج 4 ص 3، و ج
6 ص 18 ط مطابع الشعب، صحيح مسلم: ج 2 ص 15 ط الحلبي بمصر.
[3]قد تعلم أن الشيخين رويا في هذا الحديث وصية النبي إلى علي من حيث
لا يقصدان، فإن الذين ذكروا يومئذ أن النبي أوصى إلى علي لم يكونوا خارجين من
الامة، بل كانوا من الصحابة أو التابعين الذين لهم الجرأة على المكاشفة بما يسوء
أمّ المؤمنين و يخالف السياسة في ذلك العهد، و لذلك ارتبكت- رضي اللّه عنها- عند
ما سمعت حديثهم ارتباكا عظيما يمثله ردها عليهم بأوهى الردود و أوهنها، قال الإمام
السندي- في تعليقته على هذا الحديث من سنن النسائي ص 241 من جزئها السادس، طبع
المطبعة المصرية بالأزهر-: و لا يخفى أن هذا لا يمنع الوصية قبل ذلك، و لا يقتضي
أنّه مات فجأة بحيث لا تمكن منه الوصية و لا تتصور، فكيف و قد علم أنه علم بقرب
أجله قبل المرض ثم مرض أياما ... إلى آخر كلامه، فأمعن النظر فيه، تجده في غاية
المتانة. (منه قدّس سرّه)
[4]صحيح البخاري: ج 6 ص 14 ط مطابع الشعب، و ج 5 ص 139- 140 ط دار
الفكر.