اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 97
أنه قد تقرر في أصل الفائدة المستنتجة من التشبيه أن يشبّه الشيء
بما يطلق عليه لفظة أفعل، أي يشبه بما هو أبين و أوضح، أو بما هو أحسن منه أو
أقبح، و كذلك يشبه الأقل بالأكثر، و الأدنى بالأعلى.
و هذا الموضع لا ينقض هذه القاعدة لأن الذي قدمنا ذكره مطرد في بابه
و عليه مدار الاستعمال. و هذا غير مطرد و إنما يحسن في عكس المعنى المتعارف، و ذاك
أن تجعل المشبه به مشبها، و المشبه مشبها به. و لا يحسن في غير ذلك مما ليس
بمتعارف؛ ألا ترى أن من العادة و العرف أن تشبه الأعجاز بالكثبان، فلما عكس ذو
الرمة هذه القضية في شعره جاء حسنا لائقا، و كذلك فعل البحتري، فإن من العادة و
العرف أن يشبه الوجه الحسن بالبدر، و القد الحسن بالقضيب، فلما عكس البحتري القضية
في ذلك جاء أيضا حسنا لائقا.
و لو شبه ذو الرمة الكثبان بما هو أصغر منها غير الأعجاز لما حسن
ذلك، و هكذا لو شبه البحتري طلعة البدر بغير طلعة الحسناء، و القضيب بغير قدّها
لما حسن ذلك أيضا.
و هكذا القول في تشبيه عبد اللّه بن المعتز صورة الهلال بالقلامة؛
لأن من العادة أن تشبه القلامة بالهلال، فلما صار ذلك مشهورا متعارفا حسن عكس
القضية فيه»[1].