responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق    الجزء : 1  صفحة : 98

فالمشبه هنا هو الصبح و المشبه به هو غرّة مهر أشقر، و هذا تشبيه مقلوب، لأن العادة في عرف الأدباء أن تشبّه غرّة المهر بالصبح، لأن وجه الشبه و هو البياض أقوى في الصبح منه في المهر. و لكن الشاعر عدل عن المألوف، و قلب التشبيه للمبالغة، بادّعاء أن وجه الشبه أقوى في غرّة المهر منه في الصبح.

و منه قول محمد بن وهيب الحميري‌ [1] في ذات التشبيه:

و بدا الصباح كأن غرّته‌

وجه الخليفة حين يمتدح‌

فالمشبّه هنا أيضا هو ضوء الصباح في أول تباشيره، و المشبه به هو وجه الخليفة عند سماعه المديح. فالتشبيه كما ترى مقلوب، و الأصل فيه هو العكس، لأن المألوف أن يشبّه الشي‌ء دائما بما هو أقوى و أوضح منه في وجه الشبه؛ ليكتسب منه قوة و وضوحا. و لكن الشاعر تفننا منه في التعبير عكس القضية و قلب التشبيه للمبالغة و الإغراق بادّعاء أن الشبه أقوى في المشبّه.

و منه قول البحتري مادحا:

كأن سناها بالعشيّ لصبحها

تبسّم عيسى حين يلفظ بالوعد

شبّه البحتري برق السحابة الذي ظلّ لّماعا طوال الليل بتبسم الممدوح حين يعد بالعطاء، و لا شك أن لمعان البرق أقوى من بريق الابتسام، فكان المألوف أن يشبّه الابتسام بالبرق على عادة الشعراء، و لكن البحتري قلب التشبيه تفننا في التعبير و التماسا للمبالغة بادّعاء أن وجه الشبه أقوى في المشبّه.


- جبهة الفرس، و المهر الأشقر: الأحمر الشعر.

[1] شاعر شيعي عباسي انقطع لمدح المأمون.

اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق    الجزء : 1  صفحة : 98
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست