responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق    الجزء : 1  صفحة : 226

و لعل أسلوب الكناية من بين أساليب البيان هو الأسلوب الوحيد الذي يستطيع به المرء أن يتجنب التصريح بالألفاظ الخسيسة أو الكلام الحرام. ففي اللغات، و ليس في اللغة العربية وحدها، ألفاظ و عبارات تعدّ «غير لائقة» و يرى في التصريح بها جفوة أو غلظة أو قبح أو سوء أدب أو ما هو من ذلك بسبيل.

و عدم اللياقة في النطق أو التصريح بهذه الألفاظ الخسيسة و العبارات المستهجنة التي تدخل في دائرة الكلام الحرام كما يقول علماء الاجتماع قد يكون باعثه الاشمئزاز، الاشمئزاز مما تولده في النفس من مشاعر و انفعالات غير سارة، و قد يكون باعثه الخوف، الخوف من اللوم و النقد و التعنيف، و الخوف من أن يدمغ المرء بالخروج على آداب المجتمع الذي يعيش فيه.

لكل ذلك كانت الكناية هي الوسيلة الوحيدة التي تيسر للمرء أن يقول كل شي‌ء، و أن يعبر بالرمز و الإيحاء عن كل ما يجول بخاطره حراما كان أو حلالا، حسنا كان أو قبيحا، و هو غير محرج أو ملوم. و تلك مزية للكناية على غيرها من أساليب البيان.

و بعد ... فلعل خير ما نختم به هنا توضيحا لبعض ما ذكرناه عن الكناية أن نورد نصا لجأ الشاعر فيه أكثر ما لجأ إلى هذا الأسلوب الرمزي سترا لبعض ما لا يريد أن يصرح به. و هذا النص من قصيدة لأبي فراس الحمداني بعث بها و هو أسير في بلاد الروم إلى ابن عمه الأمير سيف الدولة يسأله المفاداة. قال:

دعوتك للجفن القريح المسهد

لدي، و للنوم القليل المشرد


[1] القريح: الجريح.

اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق    الجزء : 1  صفحة : 226
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست