اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 225
قوله تعالى: الْقارِعَةُ. مَا
الْقارِعَةُ؟ وَ ما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ؟
«فالقارعة» كناية عن «القيامة» و قد عدل عن التصريح بلفظ «القيامة» إلى الكناية
عنه بلفظ «القارعة» لا لإثبات ذلك المعنى للقيامة، و إنما لإثبات شاهده و دليله و
هو أنها تقرع القلوب و تزعجها بأهوالها، و ذلك تفخيما لشأن القيامة فى النفوس.
و من صورها كذلك التعمية و التغطية
حرصا على المكنى عنه أو خوفا منه، كالكناية عن أسماء النساء أو أسماء الأعداء،
كقول عمر بن أبي ربيعة:
أيا نخلتي وادي بوانة حبذا
إذا نام حراس النخيل جناكما
فطيبكما أربى على النخل بهجة
و زاد على طول الفتاء فتاكما
فقد كنى «بنخلتي وادي بوانة» عن
اثنتين من صواحبه، حرصا على سمعتهما، كما كنى «بحراس النخيل» عن ذويهما خوفا منهم.
و كقوله أيضا:
الما بذات الخال فاستطلعا لنا
على العهد باق ودها أم تصرما
و قولا لها: إن النوى أجنبية
بنا و بكم قد خفت أن تتيمما
فقد كنى «بذات الخال» عن اسم إحدى
صواحبه حرصا على سمعتها و صونا لاسمها عن الابتذال.
و يظهر أن من الشعراء من كانوا
يضيقون ذرعا بالكناية عن أسماء صواحبهم و يودون- لو استطاعوا- التصريح بأسمائهن
تلذذا بترديدها، يدلنا على ذلك قول ذي الرمة:
أحب المكان القفر من أجل أنني
به أتغنى باسمها غير معجم!
اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 225