responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق    الجزء : 1  صفحة : 224

و قد كنت أخشى الهجر و الشمل جامع‌

و في كل يوم لقية و خطاب‌

فكيف و فيما بيننا ملك قيصر

و للبحر حولي زخرة و عباب؟

ففي البيت الثاني يريد أبو فراس أن يقول: «فكيف و فيما بيننا بعد شاسع» و لكنه كنى عن هذا المعنى بقوله: «ملك قيصر و للبحر حولي زخرة و عباب» فجمال هذه الكناية ليس في المعنى المكنى عنه و هو «البعد الشاسع الذي يفصل بين الرجلين» و إنما هو في الإتيان بملك قيصر و البحر الزاخر العباب و إثباته للمكنى عنه في صورة برهان محسوس عليه.

و الكناية كالاستعارة من حيث قدرتها على تجسيم المعاني و إخراجها صورا محسوسة تزخر بالحياة و الحركة و تبهر العيون منظرا.

و من أمثلة ذلك قوله تعالى تصويرا لحال صاحب الجنة عند ما رأى جنته التي كان يعتز بها قد أهلكها اللّه عقابا له على شركه: فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى‌ ما أَنْفَقَ فِيها وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى‌ عُرُوشِها وَ يَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً.

فالكناية في الآية الكريمة هي في قوله تعالى: يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ‌ و الصفة التي تلزم من تقليب الكفين هي الندم و الحزن، لأن النادم و الحزين يعملان ذلك عادة. فتقليب الكفين في مثل هذا الموقف كناية عن الندم و الحزن.

فالمعنى الصريح هنا هو «فأصبح نادما حزينا» و هذا أمر معنوي تدخلت فيه الكناية فجسمته و أظهرته للعيان في صورة رجل اعتراه الذهول من هول ما أصاب الجنة التي كان يعتز بها، فوقف يقلب كفيه ندما و حزنا على أمله المنهار أمام عينيه! و هذا سبب من أسباب بلاغة الكناية.

و من صور الكناية الرائعة تفخيم المعنى في نفوس السامعين، نحو

اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق    الجزء : 1  صفحة : 224
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست