اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 198
أبلغ من الانشقاق، لأنّ الانشقاق قد يحدث في الشيء من غير تباين.
و استعارة «الغيض» لشدّة
الغليان أوجز و أبلغ في الدلالة على المعنى المراد، لأنّ مقدار شدّته على النفس
مدرك محسوس، و لأنّ الانتقام الصادر عن المغيظ يقع على قدر غيظه، ففيه بيان عجيب و
زجر شديد لا تقوم مقامه الحقيقة البتة[1].
فالاستعارات هنا قد حققت غرضين من أغراض الاستعارة هما الإيجاز و
البيان، كما تضافرت معا في رسم نار جهنم و إبرازها في صورة تنخلع القلوب من هولها
رعبا و فزعا، صورة مخلوق ضخم بطاش، هائل جبار، مكفهر الوجه عابس يغلي صدره غيظا و
حقدا.
فالاستعارة هي التي لوّنت المعاني الحقيقية في الآية كل هذا التلوين،
و هي التي بثّت فيها كل هذا القدر من التأثير الذي ارتفع ببلاغتها إلى حد الإعجاز.
و من خصائص الاستعارة المبالغة في إبراز المعنى الموهوم إلى الصورة
المشاهدة كقوله تعالى في الإخبار عن الظالمين و مقاومتهم لرسالة رسوله:
«فالجبال» ههنا استعارة طوي فيه ذكر المستعار
له و هو أمر الرسول، و معنى هذا أنّ أمر الرسول و ما جاء به من الآيات المعجزات قد
شبه بالجبال، أي أنّهم مكروا مكرهم لكي تزول منه هذه الآيات المعجزات التي هي في
ثباتها و استقرارها كالجبال.
فجمال المبالغة الناشئة عن الاستعارة هنا هو في إخراج ما لا يدرك