responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق    الجزء : 1  صفحة : 199

إلى ما يدرك بالحاسة تعاليا بالمخبر عنه و تفخيما له إذ صير بمنزلة ما يدرك و يشاهد و يعاين.

و على هذا ورد قوله تعالى: وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ أَ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ. فاستعار «الأودية» للفنون و الأغراض من المعاني الشعرية التي يقصدونها، و إنّما خص الأودية بالاستعارة و لم يستعر الطرق و المسالك أو ما جرى مجراها، لأنّ معاني الشعر تستخرج بالفكر و الروية، و الفكر و الروية فيهما خفاء و غموض، فكان استعارة الأودية لها أشبه و أليق لإبراز ما لا يحس في صورة ما يحس مبالغة و تأكيدا.

و مما ورد من الاستعارة في الأحاديث النبوية قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تستضيئوا بنار المشركين» فاستعار «النار» للرأي و المشورة، أي لا تهتدوا برأي المشركين و لا تأخذوا بمشورتهم.

فرأي المشركين أمر معنوي يدرك بالعقل و تمثيله بالنار هو إظهار له في صورة محسة مخيفة يبدو فيها رأي المشركين نارا تحرق كل من يلامسها أو يأخذ بها. فالسر في قوّة تأثير هذه الصورة و جمالها راجع إلى مفعول الاستعارة، هذا المفعول الذي انتقل بالفكرة من عالم المعاني إلى عالم المدركات مبالغة.

و من خصائص الاستعارة أيضا بث الحياة و النطق في الجماد كما ذكرنا آنفا كقوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى‌ إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ‌ فكل من السماء و الأرض جماد تحول بالتوسع الذي هيأته الاستعارة إلى إنسان حي ناطق.

و كقول الرسول و قد نظر يوما إلى «أحد»: «هذا جبل يحبنا و نحبه»،

اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق    الجزء : 1  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست