responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق    الجزء : 1  صفحة : 197

و من خصائصها كذلك التشخيص و التجسيد في المعنويات، و بث الحركة و الحياة و النطق في الجماد، و قد التفت الجرجاني إلى شي‌ء من ذلك بقوله: «فإنّك لترى بها الجماد حيا ناطقا، و الأعجم فصيحا، و الأجسام الخرس مبينة، و المعاني الخفية بادية جلية ... و تجد التشبيهات على الجملة غير معجبة ما لم تكنها، إن شئت أرتك المعاني اللطيفة التي هي من خبايا العقل كأنّها قد جسمت حتى رأتها العيون، و إن شئت لطفت الأوصاف الجسمانية حتى تعود روحانية لا تنالها إلّا الظنون، و هذه إشارات و تلويحات في بدائعها» [1].

يقول اللّه تعالى في تصوير العذاب الذي أعدّه للكافرين به:

وَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ. إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَ هِيَ تَفُورُ. تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ؟. [2]

«فالشهيق» في الآية الكريمة قد استعير «للصوت الفظيع» و هما لفظتان و «الشهيق» لفظة واحدة، فهو أوجز على ما فيه من زيادة البيان.

و «تميز» استعير للفعل «تنشق من غير تباين» و الاستعارة أبلغ، لأنّ التميز في الشي‌ء هو أن يكون كل نوع منه مباينا لغيره و صائرا على حدّته، و هو


[1] أسرار البلاغة ص 33.

[2] الشهيق: أصله الصوت المزعج كصوت الحمار، و المراد به هنا «الحسيس» و هو الصوت الخفي الناشى‌ء عن الفوران، و هذا الصوت يحدثه اللّه سبحانه في النار لشدة ازعاج الكافرين، و تميز: أصله تتميز، أي تتقطع و ينفصل بعضها عن بعض، من الغيظ: أي من غيظها منهم، و الكلام كله تمثيل لشدة غليانها انتظارا لهم، فوج: المراد هنا جماعة من الكفرة، و الخزنة: جمع خازن، و هم الملائكة الموكلون بجهنم، و قد وصفهم اللّه في آية أخرى بأنّهم ملائكة غلاظ شداد لا يعصون اللّه ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون.

اسم الکتاب : علم البيان المؤلف : عبد العزيز عتيق    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست