اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 194
خطابا لغيرك و باطنه خطابا لنفسك، فقد مثل له ابن الأثير بقول الصمة
بن عبد اللّه من شعراء الحماسة و هو:
حننت إلى ريا و نفسك باعدت
مزارك من ريا و شعباكما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعا
و تجزع إن داعي الصبابة أسمعا
و أذكر أيام الحمى ثم أنثني
على كبدي من خشية أن تصدعا
بنفسي تلك الأرض ما أطيب الرّبا
و ما أحسن المصطاف و المتربعا!
فالبيتان الأولان يدلان على أن
المراد بالتجريد فيهما هو التوسع، لأن الخطاب فيهما تجريدي إذ وجه الخطاب إلى غيره
و هو يريد شخصه، ثم انتقل من الخطاب التجريدي إلى خطاب النفس في البيتين الأخيرين.
و لو استمر على الحالة الأولى لما
قضى عليه بالتوسع، و إنما كان يقضي عليه بالتجريد البليغ الذي هو الطرف الآخر، و
كان يتأول له بأن غرضه من خطاب غيره أنه ينفي عن نفسه سمعة الهوى و معرة العشق لما
في ذلك من الشهرة و الغضاضة. لكنه قد أزال هذا التأويل بانتقاله عن التجريد أولا
إلى خطاب النفس.
[1] انظر في موضوع التجريد كتاب المثل السائر لابن الأثير ص 165-
167.
اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 194