اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 193
ثم يعلّق على ذلك بقوله: «فهذا من محاسن التجريد. ألا ترى أنه أجرى
الخطاب على غيره و هو يريد نفسه، كي يتمكن من ذكر ما ذكره من الصفات الفائقة، و عد
ما عده من الصفات التائهة؟ و كل ما يجيء من هذا القبيل فهو التجريد المحض».
2- و تجريد غير محض: و هو أن تأتي بكلام هو خطاب لنفسك لا لغيرك.
ثم يستطرد ابن الأثير فيقول: «و لئن كان بين النفس و البدن فرق إلا أنهما كأنهما
شيء واحد لعلاقة أحدهما بالآخر».
و الفرق عنده ظاهر بين هذين
الضربين من التجريد، فالأول و هو المحض يسمى تجريدا لأن التجريد لائق به، أما
الثاني و هو غير المحض فهو نصف تجريد، لأنك لم تجرد به عن نفسك شيئا، و إنما خاطبت
نفسك بنفسك كأنك فصلتها عنك و هي منك. و من أمثلة التجريد غير المحض عنده قول عمر
بن الأطنابة:
أقول لها و قد جشأت و جاشت
رويدك تحمدي أو تستريحي
و منه قول شاعر آخر:
أقول للنفس تأساء و تعزية
إحدى يدي أصابتني و لم ترد
و ليس في هذا ما يصلح أن يكون
خطابا لغيرك كالأول، و إنما المتكلم هو المخاطب بعينه، و ليس ثم شيء خارج عنه.
اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 193