اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 155
فَفَزِعَ بلفظ الماضي بعد قوله
يُنْفَخُ و هو مستقبل، للإشعار بتحقيق الفزع، و أنه كائن لا محالة، لأن الفعل
الماضي يدل على وجود الفعل و كونه مقطوعا به.
و من أمثلة الالتفات بالإخبار
بالفعل الماضي عن المستقبل أيضا قوله تعالى: وَ
يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَ تَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ
نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً. و إنما قيل وَ
حَشَرْناهُمْ ماضيا بعد «نسيّر و ترى» و هما مستقبلان للدلالة على أن حشرهم قبل
التسيير و البروز ليشاهدوا تلك الأحوال، كأنه قال: و حشرناهم قبل ذلك لأن الحشر هو
المهم، لأن من الناس من ينكره كالفلاسفة و غيرهم، و من أجل ذلك ذكر بلفظ الماضي.
فالعدول بالالتفات عن صيغة من
الألفاظ إلى صيغة لا يكون، كما رأينا، إلا لنوع من الخصوصية اقتضت ذلك. و هذه أمر
لا يتوخاه في كلامه إلا المتمرس بفن القول و العارف بأسرار الفصاحة و البلاغة.
الجمع
الجمع: هو أن يجمع بين متعدد في حكم
واحد، أو هو أن يجمع المتكلم بين شيئين فأكثر في حكم واحد، كقوله تعالى:
الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا، فقد جمع
اللّه سبحانه و تعالى المال و البنون في الزينة.
و منه قوله تعالى:
الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ.
فجمع بين الشمس و القمر في الحسبان أي الحساب
[1] انظر في هذا الموضوع كتاب المثل السائر لا بن الأثير ص 167-
173.
[2] الحسبان بضم الحاء كالغفران: الحساب الدقيق، و النجم هنا:
النبات الذي ينجم أي يظهر من الأرض و لا ساق له، و الشجر: النبات الذي له ساق و له
أغصان، و يسجدان:
أي ينقادان لما أراده اللّه
سبحانه منهما.
اسم الکتاب : علم البديع المؤلف : عبد العزيز عتيق الجزء : 1 صفحة : 155