responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید    الجزء : 1  صفحة : 405

و أما" لم، و لما"، و سائر الحروف العاملة في الأفعال، فإن حكمها ألا يتقدم الاسم على الفعل فيها؛ لأن عوامل الأفعال أضعف من عوامل الأسماء، لأن الأفعال أضعف من الأسماء، فلما رأينا الحروف العاملة في الأسماء لا يحسن فيها تأخير الأسماء عن مواضعها إلا بالظروف، نحو:" إنّ، و ليت، و لعل، و بابها" و كانت الحروف العاملة في الفعل أضعف منها، لم تؤخر الأفعال عن مواضعها؛ فإن اضطر الشاعر إلى تقديم الاسم على الفعل، جاز و احتمل للضرورة، نحو قولك:" لم زيدا أضرب، و سوف زيدا أضرب"، و إنما جاز من قبل أن العامل في الاسم هو الفعل لا الحروف، و قد كان يجوز تقديم الاسم على الفعل قبل دخول الحرف، و إنما دخل الحرف على الجملة، فأجازوا بعد دخوله ما كان يجوز قبله.

و الضرب الآخر من الحروف، و هو الذي يليه الفعل، و يحسن إضماره و تأخره" هلا، و لو لا، و لو ما"، إذا كانتا بمعنى:" هلا، و ألا"، إذا كانت كذلك. و معناها كلها أنها لوم و استبطاء فيما تركه المخاطب، أو يقدر فيه الترك، من ذلك أن يقول القائل:" قاتلت أهل الكوفة"، فيقول القائل:" هلا القرمطي"، أي: هلا قاتلت القرمطي، أو يقول:" أنا أقاتل أهل الكوفة"، فيقال له:" فهلا القرمطي"، أي: فهلا تقاتل القرمطي. فهذا عدول به عما ذكر إلى هذا الآخر الذي حض عليه في المستأنف. أو ليم على تركه في الماضي قال الشاعر جرير:

تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم‌

بني ضوطري لو لا الكميّ المقنّعا

أي: هلا تعدون الكمي المقنعا.

و هذه الحروف مركبة من حرفين لهذا المعنى، و الأصل فيها: هل، و لو، و أن. أضيف إليهم: لا، و ما. و يجوز فيما بعدهن التقديم و التأخير، و يحسن، فيقال:" هلا زيدا ضربت"،" و هلا عمرا أكرمته" و خالفت هذه الحروف الحروف التي قبلها في جواز إضمار الفعل، التقديم و التأخير؛ لأن هذه الحروف جعل فيها معنى التحضيض، و استدعاء الفعل، فصارت كأنها الأفعال، فجاز إيلاء الاسم إياها تشبيها لها بالفعل، و حذف الفعل معها


[1] البيت لجرير في ديوانه 338، الخزانة 1/ 461، 4/ 498، ابن عقيل 2/ 296، الدرر اللوامع 1/ 130.

اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید    الجزء : 1  صفحة : 405
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست