اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 404
الظاهر تفسيره، كقولك:" أزيدا ضربته"، و" أعمرا مررت
به"، و" أزيدا ضربت أخاه"، و يكون التقدير فيه:" أضربت زيدا
ضربته"، و" ألقيت زيدا مررت به"، و" ألابست زيدا ضربت
أخاه"، و النصب هو الاختيار، و يجوز الرفع على أن تجعله مبتدأ و ما بعده
خبرا.
و إنما صار الاختيار النصب، من قبل
أن الاستفهام في الحقيقة إنما هو عن الفعل لا عن الاسم؛ لأن الشك فيه، ألا ترى أنك
إذا قلت:" أزيدا ضربته"، فإنما تشك في الضرب الواقع به، و لست تشك في
ذات" زيد"، فلما كان حرف الاستفهام إنما دخل للفعل لا للاسم، كان أولى
في الاختيار أن يلي حرف الاستفهام الفعل الذي دخل من أجله، و إنما جاز دخوله على
الاسم، و رفع الاسم بعده على الابتداء و الخبر؛ لأن الابتداء و الخبر قبل دخول
الاستفهام يوجب فائدة، و إذا استفهمت فإنما تستفهم عن تلك الفائدة.
قال سيبويه: (ذلك أن من الحروف
حروفا لا يذكر بعدها إلا الفعل، و لا يكون الذي يليها غيره، مظهرا أو مضمرا).
قال أبو سعيد: اعلم أن الحروف على
ثلاثة أضرب: منها ما لا يليه إلا الاسم، و منها ما لا يليه إلا الفعل، و منها ما
يليه الاسم و الفعل جميعا.
فأما ما لا يليه إلا الاسم،
فنحو:" إنّ" و أخواتها، و لا نحتاج إلى ذكرها في هذا الباب.
و أما ما لا يليه إلا الفعل، فهو
على ضربين:
ضرب لا يحسن إيلاء الاسم إياه، و
حذف الفعل منه، و لا يقدم الاسم فيه على الفعل.
و ضرب يحسن أن يحذف منه الفعل، و
يليه الاسم في الظاهر، و الفعل مقدر في النية، فأما الضرب الذي لا يحسن حذف الفعل
منه فنحو:" قد، و سوف، و لم، و لما"، لا يحسن أن تقول:" لم زيدا
أضرب"، و لا" قد زيدا"، على تقدير: لم أضرب زيدا؛ و قد ضربت زيدا،
و لا يحسن أيضا فيه التقديم و التأخير، فتقول:" قد زيدا ضربت، و لم زيدا
أضرب"، و ذلك لأن" قد، و سوف" مع الفعل بمنزلة الألف و اللام مع
الاسم؛ لأن" سوف" تقصر الفعل على زمان دون زمان، فهي بمنزلة التعريف،
و" قد" توجب أن يكون الفعل متوقعا، و هو يشبه التعريف أيضا. فإذا كان
الألف و اللام اللتان للتعريف لا يفصل بينهما و بين المعرّف كان هذا مثله.
اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 404