اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 406
لذلك، فمتى اضطر شاعر إلى تقديم الاسم في الحروف الأولى، و أوقع
الفعل على ضميره وجب أن تضمر فعلا توقعه على الاسم، يكون الظاهر تفسيرا له،
فتقول:" لم زيدا أضربه" و" قد زيدا ضربته"، و" سوف زيدا
أضربه" على تقدير: لم أضرف زيدا أضربه، و قد ضربت زيدا ضربته، و سوف أضرب
زيدا أضربه. و لا بد من تقدير هذا: لأن هذه الحروف لا معنى لوقوعها على الأسماء. و
الأفعال المشغولة بضميرها لا يصح تقديرها بعد هذه الحروف؛ لأن الأسماء المضمرة
المنصوبة قبلها توجب ضرورة إضمار الفعل، و كذلك إذا قال:" هلا زيدا
ضربته"، وجب أن تضمر فعلا توقعه على" زيد"، و يكون الظاهر تفسيرا
له.
و الذي يليه الاسم و الفعل
نحو:" ما، و إنما، و ألف الاستفهام، و هل، و سائر حروف الاستفهام" و ما
جرى مجراهن.
فإن قال قائل: ما الذي أحوج سيبويه
إلى ذكر هذه الحروف في صدر هذا الباب و هو باب الاستفهام؟
قيل له: لأن المعنى الذي من أجله
يختار إضمار الفعل بعد حروف الاستفهام هو موجود في هذه الحروف، و ذلك أن هذه
الحروف حكمها أن تدخل على الأفعال لا غير، فإذا وليها الاسم أضمر بعدها فعل، و
كذلك حرف الاستفهام حكمه أن يدخل على الفعل، إذا اجتمع الاسم و الفعل بعده. فإذا
وليه الاسم و قد وقع الفعل على ضميره، اختير إضمار الفعل.
فحرف الاستفهام مشاكل لهذه الحروف
في باب أنه أولى بالفعل، غير أنه يجوز أن يليه الاسم و لا يضمر الفعل بعده؛ لأنه
يجوز أن يدخل على مبتدإ و خبر، كقولك:" أزيد قائم"، و" أزيد
أخوك"، و" هل زيد منطلق"؟
فإن قلت:" هل زيدا
رأيت؟"، و" هل زيد ذهب؟" قبح. و لم يجز إلا في الشعر؛ لأنه لما
اجتمع الاسم و الفعل حملوه على الأصل.
و اعلم أن ألف الاستفهام هي أم
حروف الاستفهام، و معنى ذلك أنها تدخل على الاستفهام في جميع مواضعه، و غيرها من
حروف الاستفهام تلزم موضعا و تختص به، و تنتقل عنه إلى غير الاستفهام، نحو
قولنا:" من، و كم، و هل" و ما أشبه ذلك.
فأما" من": فهي
للاستفهام عما يعقل، و قد تنتقل فتكون بمعنى الذي، و في المجازاة.
اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 406