اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 402
و قولك:" هلك القوم حتى زيدا أهلكته"، بمنزلة" قام
زيد و عمرا كلمته".
قال: (فإن قلت إنما هو لنصب
اللفظ، فلا تنصب بعد" مررت بزيد" و انصب بعد" إن فيها زيدا").
يعني: إن قال قائل: إذا
قلنا:" قام زيد و عمرا كلمته"، و" هلك القوم حتى زيدا
أهلكته"، ليس الاختيار في الاسم النصب؛ لأنه لا منصوب قبله.
قيل له: لو كان اختيار النصب في
الثاني؛ لأن قبله منصوبا، لوجب ألا تنصب بعد قولك:" مررت بزيد" فلا
تقول:" مررت بزيد و عمرا كلمته"، و لوجب أن تنصب بعد قولك:" إن
فيها زيدا"، فتقول:" إن فيها زيدا و عمرا كلمته". و هذا غير مختار.
فلو كانت العلة ما زعمه هذا الزاعم واجبا، من عبرة المنصوب في الجملة الأولى،
للزمة ما قال سيبويه ألا ينصب بعد" مررت بزيد"، و ليس في الدنيا عربي
إلا و هو يجري" مررت بزيد" مجرى" لقيت زيدا".
قال: (و إن كان الأول؛ لأنه في
معنى الحديث مفعول فلا يرتفع بعد" عبد اللّه" إذا قلت:" عبد اللّه
ضربته").
يعني: إن قال قائل: إنا إذا
قلنا:" مررت بزيد و عمرا كلمته" إنما نصبنا" عمرا"؛ لأن"
زيد" في معنى منصوب؛ لوقوع المرور به في التحصيل، للزمه أن يقول:" عبد
اللّه ضربته و عمرا كلمته"؛ لأن" عبد اللّه" و إن كان مبتدأ، فقد
وقع به الضرب في التحصيل، و لكنه يرفع" عمرو كلمته" حملا على" عبد
اللّه"؛ لأنه مبتدأ، حتى يصيرا مبتدأين، و تكون في الجملة الثانية مشاكلة
للأولى في الابتداء، و لا يراعى في أنه في معنى مفعول.
قال: (و قد يحسن الجر في هذا كله
و هو عربي، و ذلك قولك:" لقيت القوم حتى عبد اللّه لقيته"، فإنما
جاء" بلقيته" توكيدا بعد أن جعله غاية، كما تقول:" مررت بزيد و عبد
اللّه مررت به").
يعني: أنك إذا قلت:" لقيت
القوم حتى عبد اللّه لقيته"" فعبد اللّه" مجرور معنى"
بإلى"، و قد تم الكلام، ثم جئت" بلقيته" توكيدا للقاء الواقع"
بعبد اللّه" في المعنى، كما أنك إذا قلت:" مررت بزيد و عبد اللّه مررت
به"، فعبد اللّه" مجرور بالباء الأولى التي في" زيد"، ثم
جئت" بمررت" الثانية توكيدا للمرور الواقع" بعبد اللّه" في
المعنى.
قال الشاعر و هو ابن مروان النحوي:
اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 402