اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 16
و قال:" أخذت من لفظ أحداث الأسماء".
يعني أن هذه الأبنية المختلفة أخذت
من المصادر التي تحدثها الأسماء و إنما أراد بالأسماء أصحاب الأسماء و هم
الفاعلون. فإن سأل سائل، فقال ما الدليل على أن الأفعال مأخوذة من المصادر؟ قيل له
في ذلك ثلاثة أوجه:
أولها: أن الفعل دال على مصدر و
زمان و المصدر يدل على نفسه فقط، و قد علمنا أن المصدر أحد الشيئين اللذين دل
عليهما الفعل و قد صح في الترتيب أن الواحد قبل الاثنين، فقد صح أن المصدر قبل
الفعل؛ لأنه أحد الشيئين اللذين دل عليهما الفعل.
و الوجه الثاني: أن الفعل يصاغ
بأمثلة مختلفة، نحو" ضرب و يضرب و اضرب" و المصدر في جميع ذلك واحد فصار
المصدر هو الذي يصاغ منه أمثلة الفعل المختلفة؛ لأنه واحد يوجد فيها كلّها، و يبين
ذلك أن الفضة و الذهب و غيرهما، مما يصاغ منه الصور الكثيرة المختلفة أصل للصور
لوجوده في كل واحد منها، و كذلك المصدر أصل الأفعال؛ لوجوده في كل واحد من أمثلتها
المختلفة.
و الوجه الثالث: أن الفعل أثقل من
الاسم، و هو فرع عليه، من قبل أنه لا يقوم بنفسه، و الفرع لا بد له من أصل يؤخذ
منه، يكون حكم ذلك الأصل أن يكون قائما بنفسه، غير محتاج إلى سواه، فعلمنا بذلك أن
الفعل فرع، و لا أصل له غير المصدر.
فإن قال قائل: إذا كان المصدر قد
يعتل باعتلال الفعل و يصح بصحته، فهلا دلكم ذلك على أن المصدر فرع على الفعل الذي
يعتل باعتلاله و يصح بصحته قيل له في ذلك جوابان: أحدهما: أن الأصل قد يعتل
باعتلال الفرع إذا كان كل واحد منهما يؤول إلى الآخر، و ينبئ كل واحد منهما على
صاحبه؛ ليتسق و لا يختلف؛ من ذلك أنا قد بنينا الفعل المضارع في فعل المؤنث
نحو" يضربن" و أشباه ذلك على" ضربن"، و هو فرع؛ لأن المستقبل
قبل الماضي. و منه ما زعم" الفراء"، الذي ينازعنا أصحابه- في هذا الأصل-
أن فعل الواحد الماضي فتح لانفتاح فعل الاثنين، و الواحد أصل الاثنين، فحمل الأصل
على الفرع.
و الوجه الثاني، أن أصل المصادر
التي لا علة فيها و لا زيادة لا يجيء إلا صحيحا، و هو" فعل" نحو"
ضربته ضربا" و" وعدته وعدا". و إنما يجيء معتلا ما لحقته الزيادة،
و إنما الكلام في أصول المصادر، لا في فروعها، فتبين ذلك.
اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 16