اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 15
إن سأل سائل عن حد الاسم، فإن الجواب في ذلك أن يقال: كل شيء دل
لفظه على معنى غير مقترن بزمان محصّل، من مضىّ أو غيره فهو اسم.
فهذا الحد الذي لا يخرج منه اسم
البتة، و لا يدخل فيه غير اسم. و توهم بعض الناس أن" مضرب الشّول"، و ما
جرى مجراه، قد دل على الضّراب، و على الزمان الذي يقع فيه، و أراد بذلك إفساد ما
ذكرناه من حد الفعل بدلالته على الحدث و الزمان، و قد وهم فيما توهم؛ لأن الذي
أردناه من الدلالة على الزمان، هو ما يدل عليه الفعل بلفظه من زمان ماض أو غير
ماض، كقولك:" قام، و يقوم" و" مضرب" اسم للزمان الذي يقع فيه
الضّراب دون الضرّاب، كقولنا: مشتى و مصيف، و قولك:" أتى مضرب الشول"،
و" انقضى مضرب الشول". كما يقال: جاء وقته، و ذهب وقته. و لو كانت
الأسماء المشتقة توجب ألا ينفرد المشتق له بالاسم إلا أن ينضم إليه المعنى الذي
اشتق منه اللفظ، لكان الزاني يقتضي الرجل و الزنى جميعا، و كنا إذا قلنا لعن اللّه
الزاني فقد أدخلنا الزنى معه في اللعن، و هذا بيّن الفساد.
و أما الفعل فللسائل أن يسأل
فيقول: لم لقّب هذا بالفعل و قد علمنا أن الأشياء كلها أفعال للّه تعالى و لخلقه:
فالجواب في ذلك أن الفعل في حقيقته
ما فعله فاعله فأحدثه، و إنما لقّب النحويون أشياء من ألفاظهم ليرتاض بها المتعلمون
و يتناولوها من قرب، و جعلوا لكل شيء مما خالف معناه معنى غيره من الألفاظ التي
يحتاجون إلى استعمالها كثيرا لقبا يرجع إليه: لئلا تتسع عليهم الألفاظ، فيدخل
الشيء في غير بابه احتياطا، فلقبوا بالفعل كل ما دل لفظه على حدث مقترن بزمان،
ماض، أو مستقبل، أو مبهم في الاستقبال و الحال، لينماز مما لقبوه بالاسم و الحرف.
فقال سيبويه:" و أما الفعل
فأمثلة":
و قصد إلى هذا الجنس الذي ذكرناه،
و قوله:" أمثلة" أراد به: أبنية؛ لأن أبنية الأفعال مختلفة، فمنها
على" فعل" نحو" ضرب" و منها على" فعل" نحو"
علم" و" فعل" نحو" ظرف" و غير ذلك من الأبنية، و هي تسعة
عشر بناء لما سمّي فاعله، و لا يعد فيها ما يلحق من الثلاثي بالرباعي كبيطر و حوقل
و سلقى و نحو ذلك، و إنما بعد الثلاثة غير الملحقة، و الرباعية يدخل فيها ما ألحق
بها.
اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 15