اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 12
تقول: خلفة و خلف و خربة و خرب، و إنما أراد سيبويه أن يبين الاسم و
الفعل و الحرف، و هي جمع، فأراد أن يعبر عنها بأشكل الألفاظ بها و أشبهها
بحقيقتها، و لم يقل" الكلمات"؛ لأنها جمع مثل الكلم. و الكلم أخف منها
في اللفظ، فاكتفى بالأخف عن الأثقل، إذ لم يكن في أحدهما مزية على الآخر.
و وجه ثان: أن الكلم اسم ذات
الشيء، و الكلام اسم الفعل المصرّف من الكلم، كما أن النعل الملبوسة اسم ذات
الملبوس، و الانتعال و التنعيل و الإنعال، و ما أشبهه اسم الفعل المصرّف منها، و
الفعل قبل ما صرّف منها، فكذلك الكلم قبلما يصرّف منها، و أقدمها في الرتبة اسم
الذات، فذكره دون اسم الحدث، و المصدر الذي هو فرع، و لو ذكر الكلام، ما كان
معيبا، و لكنه اختار الأفصح الأجود لمعناه الذي أراده.
و في ذكرنا هذا و نحوه، و البحث عنه،
مما يدرّب به المتعلم، و ينشرح به صدر العالم.
و للسائل أن يسأل فيقول: لم
قال:" الكلم من العربية"، و الكلم أعمّ من العربية، لأنها تشملها و
العجمية، و بعض الشيء أقل من جمعه، و الذي يتصل بمن هو المبعّض لا البعض، و هو
الكثير الذي يذكر منه القليل؟ قيل له: في ذلك جوابان:
أحدهما: أنه ذكر" الكلم"
التي هي شاملة على جميع موضع الكلام، و أراد بعضها، لأنه رائز سائغ ذكر اللفظ
العام و إرادة البعض، ثم بيّن البعض المراد، خشية اللبس، فكأنه لما قال:" ما
الكلم" و هو مريد لبعضها خشي ألا يفهم المعنى الذي هو مراده، فقال:" من العربية"،
تبيينا لما أراد، و تلخيصا لما قص!، لئلا يبقى للسائل مسألة و لا للطاعن متعلّقا،
و مثله قوله عز و جل: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ
الْأَوْثانِ لما كان الرجس يقع على الأوثان و غيرها بين الذي أراد بالنهي من
ضروب الرجس.
و الوجه الثاني: أن يكون أراد بالكلم
الاسم و الفعل و الحرف الذي جاء لمعنى، و هو ما ضمنه هذا الباب الذي ترجمه به، و
هذه الجملة هي اسم و فعل و حرف، هن بعض العربية؛ لأن العربية جملة و تفصيل، و ليست
هذه الجملة كل العربية، و الدليل على ذلك أنه ليس من أحاط علما بحقيقة الاسم و
الفعل و الحرف أحاط علما بالعربية كلها، و الدليل