اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 10
و ليس بجائز أن يعمل ما قبل ألف الاستفهام فيما بعده؛ لأن حرف
الاستفهام يقع صدر الكلام، كما تقع" ما" النافية، و" إنّ"
المؤكدة، و الحروف الداخلة على الجمل لها صدور الكلام.
و الوجه الثاني من وجوه"
ما" أن تكون بمعنى" الذي" و يكون صلتها هو" الكلم"
و" هو" محذوفة، و حذفها جائز، كأنك قلت: هذا باب علم الذي هو
الكلم" من العربية"، و الدليل على جواز حذفها قول اللّه تعالى في قراءة
بعضهمثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً
عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ يريد الذي هو أحسن. و كما قرأ بعضهم:
أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها أراد ما
هو بعوضة و كما قرأ بعضهم: ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ
كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا أراد
أيهم هو. بمعنى: الذي هو. و حكى" الخليل":" ما أنا بالذي قائل لك
شيئا" أراد: بالذي هو قائل لك شيئا.
و الوجه الثالث: أن تكون"
ما" صلة، و يكون دخولها كخروجها في تغيير إعراب غيرها، إلا أنها تؤكد المعنى
الذي تدخل فيه، فيكون اللفظ: هذا باب علم، ما الكلم من العربية.
و إذا كان" علم"
مصدر" أن يعلم" كان الكلام فيه كالكلام في" أن تعلم" إلا في
موضعين:
أحدهما: موضع" ما" إذا
جعلناه منصوبا هناك جعلناه مرفوعا هاهنا.
و الوجه الثاني: إذا جعلنا"
ما" صلة هناك، فنصبنا الكلم رفعناه هاهنا.
و يجوز إضافة" علم" و
ترك التنوين منها، و" ما" محتملة لوجوهها الثلاثة، فإذا كانت استفهاما،
كان لفظها رفعا على ما قلنا آنفا و موضعها بما بعدها خفضا، و إذا كانت بمعنى"
الذي" كانت مخفوضة بالإضافة، و صلتها على ما وصفنا، و إذا كانت صلة كان"
الكلم" خفضا، و لفظه: هذا باب علم ما الكلم من العربية.