اسم الکتاب : شرح كتاب سيبويه المؤلف : السيرافي، ابو سعید الجزء : 1 صفحة : 9
بسم اللّه الرحمن الرحيم
قال أبو سعيد: قال سيبويه:
هذا باب «علم ما الكلم من
العربية»
هذا موضوع كتابه الذي نقله عنه
أصحابه، و يسأل في ذلك عن أشياء:
فأولها: أن يقال: إلام أشار سيبويه
بقوله:" هذا". و الإشارة بها تقع إلى حاضر؟
فالجواب عن ذلك أنه يحتمل ثلاثة
أوجه، أحدها: أن يكون أشار إلى ما في نفسه من العلم، و ذلك حاضر، كما يقول
القائل:" قد نفعنا علمك هذا الذي تبثه، و كلامك هذا الذي تتكلم به". و
الثاني: أن يكون أشار إلى متوقّع قد عرف و انتظر وقوعه في أقرب الأوقات إليه.
فجعله كالكائن الحاضر تقريبا لأمره، كقوله:" هذا الشتاء مقبل". و"
هذا الخليفة قادم"، و مثله قول اللّه عز و جل:
هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ.
و الثالث: أن يكون وضع كلمة
الإشارة غير مشير بها؛ ليشير بها عند الحاجة.
و الفراغ من المشار إليه.
كقولك:" هذا ما شهد عليه الشهود المسمّون في هذا الكتاب" و إنما وضع
ليشهدوا و ما شهدوا بعد.
و أما" علم" فمصدر، إما
أن يكون مصدر أن تعلم أو أن يعلم، لأن المصادر العاملة عمل الأفعال تقدر بأن
الخفيفة و الفعل بعدها.
فإذا قدّر" علم" بأن
تعلم، كان الكلام على" ما" من ثلاثة أوجه: أحدها: أن تكون استفهاما،
فإذا كانت كذلك كان لفظها رفعا، لو تبين الإعراب فيه، و يكون ارتفاعه بالابتداء، و
يكون" الكلم" خبره، أو يكون" الكلم" الابتداء، و"
ما" خبر مقدمة، و يكون موضع الجملة التي هي ابتداء و خبر نصبا، و يكشف هذا
المعنى لك أنك لو جعلت مكانها" أيّا" لقلت" هذا باب علم أي شيء
الكلم من العربية، فترفع" أيّ" و يكون موضعها مع الكلم نصبا، لأنك أردت:
هذا باب أن تعلم.
فإذا لم تكن استفهاما قلت: هذا باب
علم مسألتك، و تبين الإعراب فيه؛ لأنه ليس باستفهام يمتنع عمل ما قبله فيه، و إنما
لم يعلم ما قبل" أيّ" و" ما" و الأسماء التي يستفهم بها فيها،
من قبل أن هذه الأسماء المستفهم بها نائبة عن ألف الاستفهام، متضمنة لمعناها،