و الحرف المشدّد في هذا الباب في حكم المخفّف لأنّ المعتبر هو
الحروف المكتوبة كما شاهدت في بيت الحريري كلمة «دنّسا» مشدّدة
و لا يضرّ بالقلب.
و أمّا في النثر فمن القرآن:وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍورَبَّكَ فَكَبِّرْو من غيره قول الحريريّ:
«ساكب كاس» و «لم أخا ملّ» و
«كبّر رجاء أجر ربّك» و «من يربّ إذا برّ ينم» و «سكّت كلّ من نمّ لك تكس» و «لذ
بكلّ مؤمّل، إذا لمّ و ملك بذل» فترى الحريري يتقلّب بين القلب الثنائي و الثلاثي
و الرباعي و الخماسي و السداسي و السّباعي.
النّوع الثّاني: أن يقلب بعض
أجزاء الكلام و أسميته أنا «القلب البيانيّ» و هو أن يجعل أحد أجزاء الكلام مكان
الآخر و الآخر مكانه و هو ضربان:
أحدهما: أن يكون الداعي إلى
اعتباره من جهة اللفظ بأن يتوقّف صحّة اللفظ عليه و يكون المعنى تابعا كما إذا وقع
ما هو في موضع المبتدأ نكرة و ما هو في موقع الخبر معرفة. كقوله:
قفي قبل التفرّق يا ضباعا
و لا يك موقف منك الوداعا
أي لا يك موقف الوداع موقفا منك.
و الثاني: أن يكون الداعي إليه
من جهة المعنى لتوقّف صحّته عليه و يكون اللفظ تابعا نحو: «عرضت الناقة على الحوض»
و المعنى: «عرضت الحوض على الناقة» لأنّ المعروض عليه هاهنا ما يكون له إدراك يميل
به إلى المعروض أو يرغب عنه. و منه قولهم: «أدخلت القلنسوة في الرأس و الخاتم في
الإصبع» و نحو ذلك، لأنّ «القلنسوة»-