responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 97

أن يعرّض مثلا بشاعر سواه، فيزعم أنّ الذي قرف به عند الممدوح من أنه هجاه، كان من ذلك الشاعر لا منه. هذا محال، بل ليس إلّا أنّه نفى عن نفسه أن يكون ممن يكفر النّعمة و يلؤم.

و استعمال «مثل» و «غير» على هذا السبيل شي‌ء مركوز في الطباع، و هو جار في عادة كل قوم. فأنت الآن إذا تصفّحت الكلام وجدت هذين الاسمين يقدّمان أبدا على الفعل إذا نحي بهما هذا النّحو الذي ذكرت لك، و ترى هذا المعنى لا يستقيم فيهما إذا لم يقدّما. أ فلا ترى أنك لو قلت: «يثني الحزن عن صوبه مثلك»، و «رعى الحق و الحرمة مثلك»، و «يحمل على الأدهم و الأشهب مثل الأمير»، و «ينخدع غيري بأكثر هذا الناس»، و «يأكل غيري المعروف سحتا»، رأيت كلاما مقلوبا عن جهته، و مغيّرا عن صورته، و رأيت اللّفظ قد نبا عن معناه، و رأيت الطبع يأبى أن يرضاه.

و اعلم أنّ معك دستورا لك فيه، إن تأمّلت، غنى عن كل سواه، و هو أنه لا يجوز أن يكون لنظم الكلام و ترتيب أجزائه في «الاستفهام» معنى لا يكون له ذلك المعنى في «الخبر». و ذاك أن «الاستفهام»، استخبار، و الاستخبار هو طلب من المخاطب أن يخبرك. فإذا كان كذلك، كان محالا أن يفترق الحال بين تقديم الاسم و تأخيره في «الاستفهام»، فيكون المعنى إذا قلت: «أزيد قام؟» غيره إذا قلت: «أقام زيد؟»، ثم لا يكون هذا الافتراق في الخبر، و يكون قولك: «زيد قام» و «قام زيد» سواء، ذاك لأنه يؤدي إلى أن تستعلمه أمرا لا سبيل فيه إلى جواب، و أن تستثبته المعنى على وجه ليس عنده عبارة يثبته لك بها على ذلك الوجه.

و جملة الأمر، أن المعنى في إدخالك «حرف الاستفهام» على الجملة من الكلام، هو أنك تطلب أن يقفك في معنى تلك الجملة و مؤدّاها على إثبات أو نفي.

فإذا قلت: «أزيد منطلق؟»، فأنت تطلب أن يقول لك: «نعم، هو منطلق» أو يقول:

«لا، ما هو منطلق». و إذا كان ذلك كذلك، كان محالا أن تكون الجملة إذا دخلتها همزة الاستفهام استخبارا عن المعنى على وجه، لا تكون هي- إذا نزعت منها الهمزة- إخبارا به على ذلك الوجه، فاعرفه.


[1] اعتراض بين لا تكون هي ... إخبارا به.

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 97
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست