اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 65
صاحبه، و لا تقضي له بالحذق و الأستاذية و سعة الذّرع و شدة المنّة،
حتى تستوفي القطعة و تأتي على عدة أبيات. و ذلك ما كان من الشعر في طبقة ما أنشدتك
من أبيات البحتري، و منه ما أنت ترى الحسن يهجم عليك منه دفعة، و يأتيك منه ما
يملأ العين ضربة، حتى تعرف من البيت الواحد مكان الرجل من الفضل، و موضعه من
الحذق، و تشهد له بفضل المنّة و طول الباع، و حتى تعلم، إن لم تعلم القائل، أنّه
من قيل شاعر فحل، و أنه خرج من تحت يد صناع، و ذلك ما إذا أنشدته وضعت فيه اليد على
شيء فقلت: هذا، هذا! و ما كان كذلك فهو الشّعر الشاعر، و الكلام الفاخر، و النّمط
العالي الشريف، و الذي لا تجده إلّا في شعر الفحول البزّل، ثم المطبوعين الذين
يلهمون القول إلهاما.
ثم إنّك تحتاج إلى أن تستقري عدّة
قصائد، بل أن تفلي ديوانا من الشعر، حتى تجمع منه عدّة أبيات. و ذلك ما كان مثل
قول الأوّل، و تمثّل به أبو بكر الصّدّيق رضوان اللّه عليه حين أتاه كتاب خالد
بالفتح في هزيمة الأعاجم: [من الوافر]
تمنّانا ليلقانا بقوم
تخال بياض لأمهم السّرابا
فقد لاقيتنا فرأيت حربا
عوانا تمنع الشّيخ الشرابا
انظر إلى موضع «الفاء» في قوله:
فقد لاقيتنا فرأيت حربا و مثل قول
العباس بن الأحنف: [من البسيط]
(4) من شعر الصحابي الجليل زياد بن حنظلة التميمي و هما من قصيدة
وردت في خبر ذكره الطبري في تاريخه (3/ 222- 225). اللأم: جمع لأمة: الدرع.
القاموس/ لأم/
[1492] .
[5] في ديوانه من أبيات قالها للرشيد، و هو ذاهب إلى أرمينية و
منها:
ما أقدر اللّه أن يدني على شحط
سكان دجلة من سكان جيحانا
متى الذي كنت أرجوه و آمله
أمّا الذي كنت أخشاه فقد كانا
عين الزمان أصابتنا فلا نظرت
و عذّبت بصنوف الهجر ألوانا
انظر الأغاني (8/ 388)، و جيحان:
نهر بالمصيصة بالثغر الشامي، و مخرجه من بلاد الروم و يمر حتى يصب بمدينة تعرف
بكفربيّا بإزاء المصيصة.
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 65