responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 59

قولي نعم، و نعم إن قلت واجبة

قالت: عسى و عسى جسر إلى نعم‌

فترى لها لطفا و خلابة و حسنا ليس الفضل فيه بقليل.

و مما هو أصل في شرف الاستعارة، أن ترى الشاعر قد جمع بين عدّة استعارات، قصدا إلى أن يلحق الشكل بالشكل، و أن يتمّ المعنى و الشّبه فيما يريد، مثاله قوله امرئ القيس: [من الطويل‌]

فقلت له لمّا تمطّى بصلبه‌

و أردف أعجازا و ناء بكلكل‌

لما جعل للّيل صلبا قد تمطّى به، ثنّى ذلك فجعل له أعجازا قد أردف بها الصّلب، و ثلّث فجعل له كلكلا قد ناء به، فاستوفى له جملة أركان الشّخص، و راعى ما يراه الناظر من سواده، إذا نظر قدّامه، و إذا نظر إلى خلفه، و إذا رفع البصر و مدّه في عرض الجوّ.

و اعلم أن هاهنا أسرارا و دقائق، لا يمكن بيانها إلّا بعد أن تقدّم جملة من القول في «النظم» و في تفسيره و المراد منه، و أيّ شي‌ء هو؟ و ما محصوله و محصول الفضيلة فيه؟ فينبغي لنا أن نأخذ في ذكره، و بيان أمره، و بيان المزيّة التي تدّعى له من أين تأتيه؟ و كيف تعرض فيه؟ و ما أسباب ذلك و علله؟ و ما الموجب له؟

و قد علمت إطباق العلماء على تعظيم شأن «النظم» و تفخيم قدره، و التنويه بذكره، و إجماعهم أن لا فضل مع عدمه، و لا قدر لكلام إذا هو لم يستقم له، و لو بلغ في غرابة معناه ما بلغ، و بتّهم‌ الحكم بأنه الذي لا تمام دونه، و لا قوام إلّا به، و أنه القطب الذي عليه المدار، و العمود الذي به الاستقلال. و ما كان بهذا المحلّ من الشّرف، و في هذه المنزلة من الفضل، و موضوعا هذا الموضع من المزيّة، و بالغا هذا المبلغ من الفضيلة، كان حري بأن توقظ له الهمم، و توكّل به النفوس، و تحرّك له الأفكار، و تستخدم فيه الخواطر، و كان‌ العاقل جديرا أن لا يرضى من نفسه بأن‌


[1] أن تخلب المرأة قلب الرجل بألطف القول و أخلبه. ا. ه اللسان/ خلب/ (1/ 364) و الخلابة استخدمها المؤلف على المجاز.

[2] انظر معلقته المشهورة في ديوانه (ص 117)، و جاء بلفظ «بجوزه» بدلا من «بصلبه» و البيت في الإيضاح بتحقيق د. هنداوي (ص 265)، و التبيان للطيبي بتحقيقنا كذلك (ص 320). يقال:

ناء بحمله ينوء نوءا: نهض بجهد و مشقة و منها قوله تعالى: ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ. و الكلكل: الصدر. و البيت في وصف «ليل المهموم».

[3] معطوفة على «إطباق العلماء»، و البتّ: القطع.

[4] معطوف على: «كان حري».

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست