اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 363
و الأمر كما قال الصاحب، و السبب في ذلك أنك إذا حدّثت عن اسم مضاف،
ثم أردت أن تذكر المضاف إليه، فإن البلاغة تقتضي أن تذكره باسمه الظاهر و لا
تضمره.
تفسير هذا أنّ الذي هو الحسن
الجميل أن تقول: «جاءني غلام زيد و زيد»، و يقبح أن تقول: «جاءني غلام زيد و هو»،
و من الشاهد في ذلك قول دعبل: [من البسيط]
أضياف عمران في خصب و في سعة
و في حباء و خير غير ممنوع
و ضيف عمرو و عمرو يسهران معا،
عمرو لبطنته و الضّيف للجوع
و قول الآخر: [من الطويل]
و إن طرّة راقتك فانظر، فربّما
أمر مذاق العود و العود أخضر
و قول المتنبي
بمن نضرب الأمثال أم من نقيسه
إليك، و أهل الدّهر دونك و الدّهر
ليس بخفيّ على من له ذوق أنه لو
أتى موضع الظّاهر في ذلك كله بالضمير فقيل: «و ضيف عمرو و هو يسهران معا»، و
«ربّما أمرّ مذاق العود و هو أخضر»، و «أهل الدهر دونك و هو»، لعدم حسن و مزيّة لا
خفاء بأمرهما، و ليس لأن الشعر ينكسر، و لكن تنكره النفس.
و قد يرى في بادئ الرأي أن ذلك من
أجل اللّبس، و أنك إذا قلت: «جاءني غلام زيد و هو»، كان الذي يقع في نفس السامع أن
الضمير للغلام، و أنك على أن تجيء له بخبر، إلّا أنه لا يستمرّ، من حيث أنّا
نقول: «جاءني غلمان زيد و هو»، فتجد الاستنكار و نبوّ النفس، مع أن لا لبس مثل الذي
وجدناه. و إذا كان كذلك، وجب أن يكون السبب غير ذلك.
[1] البيتان في الكامل للمبرد (3/ 4) و هما منسوبان لدعبل.
[2] البيت بلا نسبة في أسرار البلاغة
[118] ، و طرّة الجارية: أن
يقطع لها في مقدم ناصيتها كالعلم أو كالطرة تحت التاج، تتجمل به.
[3] البيت في ديوانه (1/ 108) و هو آخر بيت في قصيدة يمدح بها عبد
اللّه بن يحيى البحتري، و مطلعها:
أريقك أم ماء الغمامة أم خمر
بقي برود و هو في كبدي جمر
أ ذا الغصن أم ذا الدعص أم أنت فتنة
و ذيا الذي قلته البرق أم ثغر
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 363