اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 362
و «كأنّه حائك»، قال: «على أن لفظ «حائك» في غاية الركاكة إذا أخرج
على ما أخرجه أبو تمام في قوله: [من الطويل]
إذا الغيث غادى نسجه خلت أنّه
خلت حقب حرس له و هو حائك
قال: و هذا قبيح جدّا».
و الذي قاله البحتري: «فحاك ما
حاك»، حسن مستعمل، و السبب في هذا الذي قاله أنه ذهب إلى أنّ غرض أبي تمّام أن
يقصد «بخلت» إلى «الحوك»، و أنه أراد أن يقول: «خلت الغيث حائكا»، و ذلك سهو منه،
لأنه لم يقصد «بخلت» إلى ذلك، و إنما قصد أن يقول: إنّه يظهر في غداة يوم من حوك
الغيث و نسجه بالذي ترى العيون من بدائع الأنوار و غرائب الأزهار، ما يتوهّم معه
أن الغيث كان في فعل ذلك و في نسجه و حوكه، حقبا من الدهر. فالخيلولة واقعة على
كون زمان الحوك حقبا، لا على كون ما فعله الغيث حوكا، فاعرفه.
و ممّا يدخل في ذلك ما حكي عن
الصّاحب من أنه قال: «كان الأستاذ أبو الفضل يختار من شعر ابن الرومي و ينقّط
عليه، قال فدفع إليّ القصيدة التي أوّلها:
[من الطويل] أ تحت ضلوعي جمرة تتوقّد و قال: تأمّلها فتأمّلتها،
فكان قد ترك خير بيت فيها، و هو: [من الطويل]
بجهل كجهل السّيف و السّيف منتضى
و حلم كحلم السّيف و السّيف مغمد
فقلت: لم ترك الأستاذ هذا البيت؟
فقال: لعلّ القلم تجاوزه؟» قال: «ثم رآني من بعد فاعتذر بعذر كان شرّا من تركه.
قال: إنما تركته لأنه أعاد السيف أربع مرات. قال الصاحب: لو لم يعده أربع مرّات
فقال: «بجهل كجهل السيف و هو منتضى، حلم كحلم السيف و هو مغمد»، لفسد البيت.
[1] البيت في ديوانه
[211] من قصيدة في مدح أبي سعيد محمد بن يوسف
الثغري، و مطلعها:
قرى دارهم الدموع السوافك
و إن عاد صبحي بعدهم و هو حالك
و إن بكرت في ظعنهم و حدوجهم
زيانب من أحبابنا و عواقك
الحقبة: مدة من الدهر، الحرس:
الدهر.
[2] يعني ابن العميد. و الصاحب يعني ابن عباد. و «ينقط عليه» يضع
نقطة علامة على اختياره.