اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 364
و الذي يوجبه التأمل أن يردّ إلى الأصل الذي ذكره الجاحظ: من أنّ
سائلا سأل عن قول قيس بن خارجة: «عندي قرى كلّ نازل، و رضى كلّ ساخط، و خطبة من
لدن تطلع الشمس إلى أن تغرب، آمر فيها بالتواصل، و أنهى فيها من التقاطع»، فقال:
أ ليس الأمر بالصّلة هو النهي عن
التقاطع؟ قال فقال أبو يعقوب: أما علمت أن الكناية و التعريض لا يعملان في العقول
عمل الإفصاح و التكشيف»، و ذكرت هناك أن هذا الذي ذكر، من أن للتصريح عملا لا يكون
مثل ذلك العمل للكناية، كان لإعادة اللفظ في قوله تعالى: وَ
بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ
[الإسراء: 105]، و قوله:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.
اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص: 1- 2]، عمل لولاها لم يكن. و إذا كان هذا ثابتا معلوما،
فهو حكم مسألتنا.
و من البيّن الجليّ في هذا المعنى
و هو كبيت ابن الروميّ سواء، لأنه تشبيه مثله بيت الحماسة: [من الهزج]
شددنا شدّة اللّيث
غدا و اللّيث غضبان
و من الباب قول النابغة: [من
الرجز]
نفس عصام سوّدت عصاما
و علّمته الكرّ و الإقداما
لا يخفى على من له ذوق حسن هذا
الإظهار، و أن له موقعا في النفس، و باعثا للأريحية، لا يكون إذا قيل: «نفس عصام
سودته» شيء منه البتّة.
«تم الكتاب» «في أواسط شهر ربيع الأول سنة ثمان و ستين و خمسمائة
غفر اللّه لكاتبه و لوالديه و لجميع المؤمنين و المؤمنات برحمته إنه أرحم الراحمين
و خير الغافرين»
[1] للفند الزماني (شرح حماسة أبي تمام للتبريزي 1/ 13). و له
رواية أخرى «مشينا مشية الليث».
[2] البيت في ديوانه
[69] في المدائح و الاعتذاريات و هو أول بيتين
مفردين في الديوان و ثانية:
و صيرته ملكا هماما
حتى علا و جاوز الأقواما
نفس عصام: نفس شرفت بذاتها فنالت
العلى بكدها و اجتهادها. الكر: القتال و المواجهة و الإقدام.
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 364