responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 241

و اعلم أنه إن نظر ناظر في شأن المعاني و الألفاظ إلى حال السامع، فإذا رأى المعاني تقع في نفسه من بعد وقوع الألفاظ في سمعه، ظنّ لذلك أنّ المعاني تبع للألفاظ في ترتيبها. فإنّ هذا الذي بيّنّاه يريه فساد هذا الظنّ. و ذلك أنه لو كانت المعاني تكون تبعا للألفاظ في ترتيبها، لكان محالا أن تتغيّر المعاني و الألفاظ بحالها لم تزل عن ترتيبها. فلما رأينا المعاني قد جاز فيها التغيّر من غير أن تتغيّر الألفاظ و تزول عن إمكانها، علمنا أن الألفاظ هي التابعة، و المعاني هي المتبوعة.

و اعلم أنه ليس من كلام يعمد واضعه فيه إلى معرفتين فيجعلهما مبتدأ و خبرا، ثم يقدّم الذي هو الخبر، إلّا أشكل الأمر عليك فيه، فلم تعلم أن المقدّم خبر، حتى ترجع إلى المعنى و تحسن التدبّر.

أنشد الشّيخ أبو علي في «التّذكرة»: [من الخفيف‌] نم و إن لم أنم كراي كراكا ثم قال: «ينبغي أن يكون «كراي» خبرا مقدّما، و يكون الأصل: «كراك كراي»، أي نم، و إن لم أنم فنومك نومي، كما تقول: «قم، و إن جلست، فقيامك قيامي، هذا هو عرف الاستعمال في نحوه» ثم قال: «و إذا كان كذلك، فقد قدّم الخبر و هو معرفة، و هو ينوي به التأخير من حيث كان خبرا» قال: «فهو كبيت الحماسة:

[من الطويل‌]

بنونا بنو أبنائنا، و بناتنا

بنوهنّ أبناء الرّجال الأباعد

فقدّم خبر المبتدأ و هو معرفة، و إنّما دلّ على أنه ينوي التأخير المعنى، و لو لا ذلك لكانت المعرفة، إذا قدّمت، هي المبتدأ لتقدّمها، فافهم ذلك». هذا كلّه لفظه.

و اعلم أن الفائدة تعظم في هذا الضّرب من الكلام، إذا أنت أحسنت النظر فيما ذكرت لك، من أنك تستطيع أن تنقل الكلام في معناه عن صورة إلى صورة، من غير


[1] و هو للإمام الحسن بن أحمد الفارسي، و هو كبير من مجلدات لخصه ابن جني. كشف الظنون (1/ 384).

[2] صدر بيت لأبي تمام في ديوانه [461] ، و بعده:

 

طال صبري تفديك نفسي و قلّت‌

نفس مثلي عن أن تكون فداكا

و رواية الديوان:

 

نم فإن لم أنم كراي كراكا

شاهدي منك أن ذاك كذاكا

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست