responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 242

أن تغيّر من لفظه شيئا، أو تحوّل كلمة عن مكانها إلى مكان آخر، و هو الذي وسّع مجال التأويل و التفسير، حتى صاروا يتأوّلون في الكلام الواحد تأويلين أو أكثر، و يفسّرون البيت الواحد عدّة تفاسير. و هو، على ذاك، الطريق المزلّة الّذي ورّط كثيرا من الناس في الهلكة، و هو مما يعلم به العاقل شدّة الحاجة إلى هذا العلم، و يكشف معه عوار الجاهل به، و يفتضح عنده المظهر الغنى عنه. ذاك لأنه قد يدفع إلى الشي‌ء لا يصحّ إلا بتقدير غير ما يريه الظاهر، ثم لا يكون له سبيل إلى معرفة ذلك التقدير إذا كان جاهلا بهذا العلم، فيتسكّع عند ذلك في العمى، و يقع في الضلال.

مثال ذلك أنّ من نظر إلى قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‌ [الإسراء: 110]، ثمّ لم يعلم أن ليس المعنى في «ادعوا» الدّعاء، و لكن الذّكر بالاسم، كقولك: «هو يدعى زيدا» و «يدعى الأمير»، و أنّ في الكلام محذوفا، و أن التقدير: قل ادعوه اللّه، أو ادعوه الرحمن، أيّا ما تدعو فله الأسماء الحسنى كان بعرض أن يقع في الشّرك، من حيث أنه إن جرى في خاطره أن الكلام على ظاهره، خرج ذلك به، و العياذ باللّه تعالى، إلى إثبات مدعوّين، تعالى اللّه عن أن يكون له شريك. و ذلك من حيث كان محالا أن تعمد إلى اسمين كلاهما اسم شي‌ء واحد، فتعطف أحدهم على الآخر، فتقول مثلا: «ادع لي زيدا أو الأمير»، و «الأمير» هو زيد. و كذلك محال أن تقول: «أيّا ما تدعوا» و ليس هناك إلا مدعوّ واحد، لأن من شأن «أيّ» أن تكون أبدا واحدا من اثنين أو جماعة، و من ثمّ لم يكن له بدّ من الإضافة، إمّا لفظا و إمّا تقديرا.

و هذا باب واسع. و من المشكل فيه قراءة من قرأ: وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ‌ [التوبة: 30]، بغير تنوين. و ذلك أنهم قد حملوها على وجهين:

أحدهما: أن يكون القارئ له أراد التنوين ثم حذفه لالتقاء الساكنين، و لم يحرّكه، كقراءة من قرأ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص: 1- 2]، بترك التنوين من «أحد»، و كما حكي عن عمارة بن عقيل أنه قرأ: وَ لَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ [يس: 40]، بالنصب، فقيل له: ما تريد؟ فقال: أريد سابق النّهار. قيل:

فهلّا قلته؟ فقال: فلو قلته لكان أوزن و كما جاء في الشعر من قوله: [من المتقارب‌]

فألفيته غير مستعتب‌

و لا ذاكر اللّه إلّا قليلا


[1] هو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه، و الأغاني (11/ 17)، و البيت في كتاب سيبويه (1/ 85).

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست