اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 231
إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ
[فاطر: 18]، المعنى على أنّ من لم تكن له هذه الخشية، فهو كأنه ليس له إذن تسمع و
قلب يعقل، فالإنذار معه كلا إنذار.
و مثال ذلك من الشعر قوله: [من
مجزوء الرمل]
أنا لم أرزق محبّتها،
إنّما للعبد ما رزقا
الغرض أن يفهمك من طريق التعريض
أنه قد صار ينصح نفسه، و يعلم أنه ينبغي له أن يقطع الطّمع من وصلها، و ييأس من أن
يكون منها إسعاف.
و من ذلك قوله: [من البسيط] و
إنّما يعذر العشّاق من عشقا يقول: إنه ليس ينبغي للعاشق أن يلوم من يلومه في عشقه،
و أنه ينبغي أن لا ينكر ذلك منه، فإنه لا يعلم كنه البلوى في العشق، و لو كان
ابتلي به لعرف ما هو فيه فعذره.
و قوله: [من الكامل]
ما أنت بالسّبب الضّعيف، و إنّما
نجح الأمور بقوّة الأسباب
فاليوم حاجتنا إليك، و إنّما
يدعى الطّيب لساعة الأوصاب
يقول في البيت الأول: إنه ينبغي أن
أنجح في أمري حين جعلتك السّبب إليه.
و يقول في الثاني: إنّا قد وضعنا
الشيء في موضعه، و طلبنا الأمر من جهته، حين استعنّا بك فيما عرض من الحاجة، و
عوّلنا على فضلك، كما أنّ من عوّل على الطبيب فيما يعرض له من السّقم، كان قد أصاب
بالتعويل موضعه، و طلب الشيء من معدنه.
ثم إنّ العجب في أنّ هذا التعريض
الذي ذكرت لك، لا يحصل من دون «إنما». فلو قلت: «يتذكر أولو الألباب»، لم يدلّ ما
دلّ عليه في الآية، و إن كان الكلام لم يتغيّر في نفسه، و ليس إلّا أنه ليس فيه
«إنما».
[1] البيت بلا نسبة في الإيضاح
[130] ، و شرح المرشدي على عقود
الجمان (1/ 145)، و المعنى:
أنه قد علم أن لا مطمع له في
رحلها فيئس من أن يكون منها إسعاف به.
[3] البيتان في الإيضاح بلا نسبة
[130] ، و يقول في البيت الأول: إنه
ينبغي أن أنجح في أمري حين جعلتك السبب إليه، و في الثاني: إنا قد طلبنا الأمر من
جهته حيث استعنا بك فيما عرض لنا من الحاجة، و عولنا على فضلك، كما أن من عول على
الطبيب فيما يعرض له من السقم كان قد أصاب في فعله.
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر الجزء : 1 صفحة : 231