responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 194

و صيّرني هواك و بي‌

لحيني يضرب المثل‌

و قوله: [من مجزوء الوافر]

يزيدك وجهه حسنا

إذا ما زدته نظرا

أن تزعم أنّ «لصيّرني» فاعلا قد نقل عنه الفعل، فجعل «للهوى» كما فعل ذلك في «ربحت تجارتهم» و «يحمي نساءنا ضرب»، و لا تستطيع كذلك أن تقدر «ليزيد» في قوله: «يزيدك وجهه» فاعلا غير «الوجه»، فالاعتبار إذن بأن يكون المعنى الذي يرجع إليه الفعل موجودا في الكلام على حقيقته.

معنى ذلك أن «القدوم» في قولك» «أقدمني بلدك حقّ لي على إنسان»، موجود على الحقيقة، و كذلك «الصيرورة» في قوله: «و صيّرني هواك»، و «الزيادة» في قوله:

«يزيدك وجهه» موجودا على الحقيقة، و إذا كان معنى اللفظ موجودا على الحقيقة، لم يكن المجاز فيه نفسه، و إذا لم يكن المجاز في نفس اللفظ، كان لا محالة في الحكم. فاعرف هذه الجملة، و أحسن ضبطها، حتى تكون على بصيرة من الأمر.

و من اللطيف في ذلك قول حاجز بن عوف: [من الوافر]

أبي عبر الفوارس يوم داج‌

و عمّي مالك وضع السّهاما

فلو صاحبتنا لرضيت منّا

إذا لم تغبق المائة الغلاما

يريد إذا كان العام عام جدب و جفّت ضروع الإبل، و انقطع الدّر، حتى إن حلب منها مائة لم يحصل من لبنها ما يكون غبوق غلام واحد. فالفعل الذي هو «غبق» مستعمل في نفسه على حقيقته، غير مخرج عن معناه و أصله إلى معنى شي‌ء آخر، فيكون قد دخله مجاز في نفسه، و إنّما المجاز في أن أسند إلى الإبل و جعل فعلا لها، و إسناد الفعل إلى الشّي‌ء حكم في الفعل، و ليس هو نفس معنى الفعل، فاعرفه.

و اعلم أن من سبب اللّطف في ذلك أنه ليس كلّ شي‌ء يصلح لأن يتعاطى فيه‌


[1] البيت سبق في عدة أبيات لابن البواب.

(2) البيت لأبي نواس في ديوانه [235] (ط) بيروت، و الإيضاح [36] ، و نهاية الإيجاز [177] بلا عزو، و المفتاح [805] ، و الطيبي في التبيان (1/ 322)، و أورده صاحب الأغاني (25/ 41).

[3] حاجز بن عوف بن الحارث الأزدي، جاهلي، صعلوك، عدّاء، و الرواية في الأغاني (13/ 235)، «أبي ربع الفوارس ...» أي: أخذ ربع الغنائم، و أما عبر الفوارس كما هنا فهي بمعنى، استدل لهم حتى يعرف من أمرهم ما يعنيه.

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست