responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 163

و القاعدة، و أن نصرفك عن أن تطرحه، و تجعل العطف على ما يلي هذا الذي تعطفه، فتزعم أن قوله: «فكان مسير عيسهم» معطوف على «فاجأني»، فتقع في الخطأ كالذي أريناك.

فأمر العطف إذن، موضوع على أنك تعطف تارة جملة على جملة، و تعمد أخرى إلى جملتين أو جمل فتعطف بعضا على بعض، ثم تعطف مجموع هذي على مجموع تلك.

و ينبغي أن يجعل ما يصنع في الشرط و الجزاء من هذا المعنى أصلا يعتبر به.

و ذلك أنك ترى، متى شئت، جملتين قد عطفت إحداهما على الأخرى، ثم جعلتا بمجموعهما شرطا، و مثال ذلك قوله تعالى: وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً [النساء: 112]، الشّرط كما لا يخفى في مجموع الجملتين لا في كل واحدة منهما على الانفراد، و لا في واحدة دون الأخرى، لأنّا إن قلنا أنّه في كل واحدة منهما على الانفراد، جعلناهما شرطين، و إذا جعلناهما شرطين اقتضتا جزاءين، و ليس معنا إلا جزاء واحد. و إن قلنا إنه في واحدة منهما دون الأخرى، لزم منه إشراك ما ليس بشرط في الجزم بالشرط، و ذلك ما لا يخفى فساده.

ثم إنا نعلم من طريق المعنى أنّ الجزاء الذي هو احتمال البهتان و الإثم المبين، أمر يتعلق إيجابه لمجموع ما حصل من الجملتين، فليس هو لاكتساب الخطيئة على الانفراد، و لا لرمي البري‌ء بالخطيئة أو الإثم على الإطلاق، بل لرمي الإنسان البري‌ء بخطيئة أو إثم كان من الرامي، و كذلك الحكم أبدا. فقوله تعالى: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ‌ [النساء:

100]، لم يعلّق الحكم فيه بالهجرة على الانفراد، بل بها مقرونا إليها أن يدركه الموت عليها.

و اعلم أنّ سبيل الجملتين في هذا، و جعلهما بمجموعهما بمنزلة الجملة الواحدة، سبيل الجزءين تعقد منهما الجملة، ثم يجعل المجموع خبرا أو صفة أو حالا، كقولك: «زيد قام غلامه» و «زيد أبوه كريم» و «مررت برجل أبوه كريم» و «جاءني زيد يعدو به فرسه». فكما يكون الخبر و الصّفة و الحال لا محالة في مجموع الجزءين لا في أحدهما، كذلك يكون الشرط في مجموع الجملتين لا في إحداهما. و إذا علمت ذلك في الشّرط، فاحتذه في العطف، فإنك تجده مثله سواء.

اسم الکتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 163
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست